متابعة ناصف ناصف
ــ حكم قراءة البسملة في الفاتحة:
كل سور القرآن بدأت بالبسملة عــدا سورة التوبة؛ لأنها تحدثت عن القتال، وهو مناف الرحمة الإلهية التي تحملها البسملة، كما وردت البسملة داخل سورة النمل، واختلف العلماء في كون البسملة آية من القرآن أو ليست آيـة منه، وترتب على ذلك اختلافهم في وجوب قراءتها في الصلاة وفي الجهر بها، والأرجح والأحوط أن البسملة ليست آية في مطلع السور لكن يُسنُّ قراءتها في افتتاح السورة بالتلاوة، وهي جـزء من آيـة في سورة النمل، وهي آية من الفاتحة، وهذا هو المعمول به في رسم المصحف المشرقي الذي نقرأ منه برواية حفص عن عاصم، فالبسملة فيه هي الآية الأولى من الفاتحة، ومن ثم يجب قراءتها في الصلاة، والجهر والإسرار بها سواء، فقد رُوي عن النبي وأبي بكر وعمر وعثمان أنهم كانوا يجهرون بها، ورُوي عنهم عدم الجهر بها.
ــ حكم قراءة الفاتحة للمأموم:
اختلف العلماء في حكم قراءة المأموم الفاتحة في الصلاة الجهرية، فذهب بعضهم إلى وجوب قراءتها استنادا إلى حديث «لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب»، بينما ذهب الجمهور إلى عدم وجوب قراءتها، مستندين في ذلك إلى قوله تعالى: {وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنصِتُوا}؛ فهذا الخطاب يستوجب على المأموم أن يستمع وينصت لقراءة الإمام، كما استندوا إلى حديث “قــراءة الإمام قــراءة للمأموم” أي تغني عنها وتنوب، وعلى ذلك فقراءة المأموم الفاتحة جائزة لا واجبة، فإذا سكت الإمام بعد الفاتحة قاصدا فالأفضل للمأموم قراءة الفاتحة، وهذا هو الأرجح عندنا، أما الصلاة السرية فيجب أن يقرأ فيها المأموم الفاتحة؛ إذ لا مانع شرعيا له من قراءتها إلا إذا أدرك المأموم الإمام في الركوع، فتُحسَب له الركعة دون قــراءة الفاتحة؛ لأن الركعة تُدرَك بالركوع.
ــ اختلاف المأموم مع الإمام في النية:
الأصل أن تتوافق نية المأموم مع نية الإمام، لكن يجوز الاختلاف بينهما لسبب طارئ؛ فقد ورد أن النبي صلَّى ببعض الصحابة ركعتين صلاة الخوف، ثم صلَّى بآخرين ركعتين أخريين، فكانت الصلاة الأولى فريضة للنبي وللمأمومين، في حين كانت الصلاة الثانية للنبي نافلة وللمأمومين فريضة، وكان معاذ يصلي مع النبي العشاء، ثم يرجع فيصلِّيها مرة أخرى بقومه أو بأهل بيته، فكانت له نافلة ولهم فريضة؛ وعلى ذلك تصح صلاة النفل خلف الفرض وصلاة الفرض خلف النفل، كما تصحُّ صلاة فريضة فائتة مع فريضة حاضرة، فلو دخل المصلي المسجد في العصر فوجد الجماعة قد أقيمت وهو لم يصل الظهر فإنه يدخل في الجماعة بنية الظهر، ثم يصلي العصر بعد ذلك، وفسَّر العلماء حديث “إنما جعل الإمام ليؤتم به” بأن المراد أن يؤتم به في الأفعال لا في النية، ولذلك جاء في رواية أخرى “إنما جعل الإمام ليؤتم به، فإذا كبَّر فكبِّروا، وإذا سجد فاسجدوا”، ومن ثم فلا حرج في اختلاف نية المأموم عن نية الإمام في الصلاة، وللحديث بقية.