تحقيقاتتقاريرسياسةعاجل

الرأي العام العالمي

كتبت /هويدا عوض احمد

المقصود بالرأي العام العالمي الإتفاق الذي يتعدي الحدود القومية للدول ويوحد بينها تجاه بعض المسائل الأسياسية الدولية .وهناك مشاريع هامة في السياسة الدولية ظهرت تحت ضغط الرأي العام العالمي .ومنها علي سبيل المثال ..عصبة الأمم في أعقاب الحرب العالمية الأولي .وميثاق .بريان كيلوج .عام 1928الذي أعلن نبذه للقوة كأداة من أدوات السياسات القومية للدول .ومنظمه الأمم المتحدة بعد الحرب العالمية الثانيه وينكر بعضهم قيمة الرأي العام العالمي في التأثير علي السياسات الخارجية للدول فيذكرون أمثلة تبرز عدم جدوى هذا التأثير .ومنها إخفاق الرأي العام العالمي في ردع الإعتداءات اليابانية ضد الصين في الثلاثينات من هذا القرن .والإعتداءات الإيطالية ضد الحبشه في عام 1935-أو التدخلالسوفيتي المسلح في المجر وبولندا عام 1956أو إيقاف الحرب الأمريكية في فيتنام في الستينات والإعتداءات .-الإسرائيلية -,المتكررة علي جنوب لبنان وإعتداءات الصرب علي جمهورية البوسنه وإقليم كوسوفو .وبكل الأحوال .فإن الرأي العام العالمي ليس فاقد التأثير تماما .ألا أن قيمة هذا التاثير تختلف بحسب الظروف والمواقف الدولية .وليست هناك دولة في العالم مهما بلغت قوتها تستطيع أن تتجاهل الراي العام العالمي تماما وقد إعتبر ..كانتج ..رئيس الوزراء البريطاني ومنذ بداية القرن التاسع عشر ان الرأي العام هو قوة اكثر عنفا من أية قوة أخرى ظهرت حتي الآن في تاريخ البشرية اتذكر قول ..بالمرستون ..بعد ذلك بفترة وجيزة ان… الآراء أقوى من الأسلحة وفي وقتنا الحاضر فان الحكومات لا تترك فرصة إلا وتؤكد فيها علي أهمية هذه الظاهره وتحاول الإستعانة بها في محاولة خلق نوع من الضمير العالمي يسمو فوق الخلافات بين الحكومات وقد إعترف احد وزراء الخارجية الفرنسية ومن فوق منبر الجمعية الوطنية بان كل يوم يمر يأتي بحصاد مر جديد من الإهانات لكرامة البشرية ولكن الراي العام العالمي أصبح أكثر حساسية ويفظه إلي الدرجة التي لا تستطيع معها أية دولة أن تنأي بنفسها تماما علي نطاق هذا الضغط الدولي بل تضطر بشكل أو بآخر أن أن تقدم كشف حساب إلي هذا الضمير العالمي الذي بدأ يطفو علي السطح ومازال الجدل قائما بين هؤلاء الذين يخشون من مولد الرأي الدولي العام وتزايد دوره وبين هؤلاء الذين يصرون علي أن القوة هي الملاذ الأخير .ولكي تتضح الصورة أكثر فلا بد من تحديد مفهوم الرأي الدولي العام ودوره في العلاقات الدولية .فالرأي العام الدولي لا يمكن ان ينبثق إلا من خلال تقارب أو تلاقي عدد من الآراء العامة ويمكن لمثل هذه الظاهره ان تحدث خلال ثلاث طرق مختلفة .يمكن ان يتشكل الرأي العام العالمي .من خلال إتفاق وجهات النظر التي يعبر عنها ممثلو الجماعات القومية المختلفة او بمعني اخر الحكومات.وكثيرا ما يتم تجاهل هذا البعد من ابعاد الرأي العام العالمي ومع ذلك فإن البلاغة الرسمية التي تغذي تصريحات زعماء الدول .وكذلك الخطابات التي تلقي في المؤتمرات الدبلوماسية والقرارات والمناقشات التي تدور في محافل ..الدبلوماسية البرلمانية .. لا يجوز النظر إليها علي أنها من قبيل التمرينات المجانية .فهذه البلاغة تؤدي من حيث كونها تعبيرا عن إتفاق آراء ممثلين لحكومات مفوضة من جانب شعوبهم .إلي مولد عدد من الآراء الجماعية التي تعكس علي الأقل الإتجاهات السائدة في جماعة الدول ..ولذلك ..نجد مثلا أن بعض الموضوعات المتعلقة بحقوق الإنسان .او عدم التمييز العنصرى او حق الشعوب في تقرير مصيرها أو حق التنمية .فرضت نفسها بالتدريج كمجموعة من المبادىء التي أصبحت كثيرة التداول علي المسرح الدولي .ويقر الدبلوماسيون أنفسهم بهذه الحقيقة .ويمكن أن نضع علي قائمة محاسن الرأي العام العالمي مجموعة الظواهر التي تؤدي إلي التوافق التلقائي بين مختلف الآراء الوطنية .تجاه هذه المشكله أو تلك .والتوافق لا يعني التطابق أو التشابه .إذ إن الأمر يتعلق بعملية الكشف عن الميول وعمليات التقارب والإختلاف والتطورات التي تعبر عن نفسها من بلد لآخر تجاه مشكلة بعينها أو تجاه هيئة ما أو حدث بذاته .مثل للتزييف …الرأي العام نجده عند تلك المراكز أو الهيئات التي تخصصت في تنظيم الإستفتاءات السابقة للإنتخابات الرئاسية أو النيابة في مختلف بلدان رغم ما يشاع عن حيادها وبراءتها .فهي في الحقيقة لا تتوخي تقديم صورة إحصائية عن واقع الخريطة الإنتخابية فحسب .وإنما تعمل وهي المعروفة بصلتها الوثيقة بمراكز المال والأعمال والسياسة والنفوذ علي تطويع الرأي العام وتهيئته للقبول بما تريده عبر نشر بيانات عن تفوق المرشح المطلوب فوزه علي خصمه او علي الأقل عن تضاؤل الفارق بينه وبين خصمه القوي في مسعي لإيهام الناخب بعدم جدوي الرهان علي حصان خاسر .ويلاحظ كذلك أنه حين يجرى الحديث عن الرأي العام يجري تصويره كما لو كان كتلة متجانسة عديمة الفروق والتلاوين .دون الأخذ بالاعتبار التباينات او التفاوتات في المواقف المختلفة للناس .فما يراه قطاع من الجمهور صحيحا لا يراه قطاع آخر كذلك وفي هذا تدخل إعتبارات سياسية وفكرية ودينية وعرقية معقدة تجعل من المستحيل صب جميع البشر في قالب واحد .إن الراي العام .عملية .متعددة الأبعاد والعناصر وهي عملية معقدة ومتغيرة تتسع لتشمل أفرادا غير منظمين وجماعات منظمه ومؤسسات وعمليات للإدارة والتشريع والقضاءومسائل الإقناع والدعاية والإعلام وغيرها .ومن سابق ما اسفلنا الراي العام العالمي ..ابعاد سلوكية تتركز سمات الشخصية .الإدراك .الحاجات والدوافع .الاستجابة للمثير أو المنبه .دور الشخصيات القيادية في خلق نماذج جديدة للسلطة عمليات التنشئه والتدريب والتكيف مسائل الهوية والمشاركة وقدرات الفرد في إثراء المناقشات وطرح البدائل المتباينه ووجهات النظر المختلفة .يتم التفاعل عن طريق التعبير بالالفاظ والرموز والإشارات من جانب نسبة مؤثرة من المجتمع قد تكون الغلبية وقد تكون أقلية مبدعه من المثقفين أو قادة الرأي ذوى المكانة والثقه في مجتمعهم وعندما تقر الغالبيه وجهة النظر الأكثر ملائمه اي التي أصبحت بمثابة الراي العام .يصبح علي الأقلية أن تقبلها حتي بالرغم من عدم مشاركتها فيها لكن بالإقتناع وليس بالخوف يستطيع بعض افراد المجتمع مخالفة الرأي العام دون ان يترتب علي هذه المخالفة جزاءات قاسية كفقدان العضوية في المجتمع.

زر الذهاب إلى الأعلى