تحقيقاتتقاريرثقافةدنيا ودينمقالات

قــراءة في فـقـــــه الصلاة 13 نوافـل الصلاة

متابعة/ ناصف ناصف

ــ العبادات فرض ونفل، والمأمور به المسلم فيثاب بفعله ويأثم بتركه هو الفرض، ففي الحديث “أنَّ أعْرَابِيًّا جَاءَ إلى رَسولِ اللَّهِ ثَائِرَ الرَّأْسِ، فَقالَ: يا رَسولَ اللَّهِ أخْبِرْنِي مَاذَا فَرَضَ اللَّهُ عَلَيَّ مِنَ الصَّلَاةِ؟ فَقالَ: الصَّلَوَاتِ الخَمْسَ إلَّا أنْ تَطَّوَّعَ شيئًا، فَقالَ: أخْبِرْنِي ما فَرَضَ اللَّهُ عَلَيَّ مِنَ الصِّيَامِ؟ فَقالَ: شَهْرَ رَمَضَانَ إلَّا أنْ تَطَّوَّعَ شيئًا، فَقالَ: أخْبِرْنِي بما فَرَضَ اللَّهُ عَلَيَّ مِنَ الزَّكَاةِ؟ فأخْبَرَهُ رَسولُ اللَّهِ شَرَائِعَ الإسْلَامِ، فقالَ: والذي أكْرَمَكَ لا أتَطَوَّعُ شيئًا ولَا أنْقُصُ ممَّا فَرَضَ اللَّهُ عَلَيَّ شيئًا، فَقالَ رَسولُ اللَّهِ: أفْلَحَ إنْ صَدَقَ”، وفي رواية “أفلح وأبيه إن صدق”، وفي رواية “دَخَلَ الجَنَّةَ إنْ صَدَقَ”، وأبرز ما يحث عليه الحديث أن المسلم إذا أدَّى الفرائض كاملة بإخلاص دخل الجنة؛ لأن أحـب شيء إلى الله هو أداء فرائضه؛ لذا جاء في الحديث “ما تَقَرَّبَ إلَيَّ عَبْدِي بشَيءٍ أحَبَّ إلَيَّ ممَّا افْتَرَضْتُ عليه”، وعبارة “أفلح وأبيه إن صدق” إما أن تكون قسَما، وكان ذلك مباحا قبل النهي عن الحلف بغير الله، أو هي من عادات العرب، ولا يقصد بها الحلف، وهذا هو الأرجح؛ فلا يسلك النبي سلوكا ثم ينهى عنه.

ــ لكن هذا لا يغني عن النوافل اقتداء بهدي النبي وتعويضا لنقص الفرائض، ففي الحديث “أول ما يحاسب الناس به يوم القيامة من أعمالهم الصلاة، يقول ربنا للملائكة وهو أعلم: انظروا في صلاة عبدي، أتمَّها أم نقصها؟ فإن كانت تامة كتبت له تامة، وإن انتقص منها شيئا قال الله: انظروا هل لعبدي من تطوع؟ فإن كان له تطوع قال: أتموا لعبدي فريضته من تطوعه، ثم تؤخذ الأعمال على ذالكم”، فهذا الحديث يحـث على التزود من النوافل، وهذا ما أكده حديث “ما يَزالُ عَبْدِي يَتَقَرَّبُ إلَيَّ بالنَّوافِلِ حتَّى أُحِبَّهُ، فإذا أحْبَبْتُهُ كُنْتُ سَمْعَهُ الَّذي يَسْمَعُ به، وبَصَرَهُ الَّذي يُبْصِرُ به، ويَدَهُ الَّتي يَبْطِشُ بها، ورِجْلَهُ الَّتي يَمْشِي بها، ولئنْ سَأَلَنِي لَأُعْطِيَنَّهُ، ولَئِنِ اسْتَعاذَنِي لَأُعِيذَنَّهُ، وما تَرَدَّدْتُ عن شَيءٍ أنا فاعِلُهُ تَرَدُّدِي عن نَفْسِ المُؤْمِنِ؛ يَكْرَهُ المَوْتَ، وأنا أكْرَهُ مَساءَتَهُ”، فالموت إساءة للمؤمن أي مكروه، لكنه حق مكتوب؛ فلذلك جاء التردد من الله ما بين حبه للمؤمن وتنفيذ قضائه.

ــ ونفل الصلاة نوعان: مطلق ومقيد، ومن النفل المطلق صلاة الليل، ففي الحديث “أفضلُ الصلاةِ بعدَ الفريضةِ صلاةُ الليلِ”، ومنه سنة الوضوء ففي الحديث “من توضأ مثل وضوئي هذا ثم صلى ركعتين لا يحدث فيهما نفسه غفر له ما تقدم من ذنبه”، ومنه صلاة الوتـر، ففي الحديث “إن الله وتــر يحب الوتر، فأوتروا يا أهل القرآن”، ويقول أبو هريرة: “أوصاني خليلي بثلاث لا أدعهن حتى أموت: صوم ثلاثة أيام من كل شهر وصلاة الضحى ونوم على وتر”، ذكر الحديث صلاتي الوتر والضحى، وأقــل الضحى ركعتان وأقصاها اثنتا عشرة ركعة، وهي صدقة على أعضاء الجسد؛ لذا حرص عليها النبي، وكان يصلي الضحى أربعا، ويزيد ما شاء الله”، ووقتها بعد طلوع الشمس بنصف ساعة حتى قُبيل الظهر، وأفضله حينما ترتفع الشمس لحديث “صَلَاةُ الأوَّابِينَ حِينَ تَرْمَضُ الفِصَالُ”، أي حينَ تَحترِقُ أخفافُ صغار الإبل مِن شِدَّة حــرِّ الرِّمالِ، ومُدِحت بأنها صلاة الأوابين، وهم التائبون الذين قال الله فيهم: {إِن تَكُونُوا صَالِحِينَ فَإِنَّهُ كَانَ لِلْأَوَّابِينَ غَفُورًا}.

ــ والمقيد هو المرتبط بالفرائض، وهو نوعان: سُنن مؤكدة وسُنن مستحبة، والسنن المؤكدة تُسمَّى الرواتب وهي اثنتا عشرة ركعة: ركعتان قبل الصبح (سنة الفجر) وأربع قبل الظهر واثنتان بعدها وركعتان بعد المغرب وركعتان بعد العشاء، ولها فضل عظيم، ففي الحديث “من صلى في يوم وليلة ثنتي عشرة ركعة بُنِي له بيت في الجنة”، والسُّنن المستحبة: منها تحية المسجد، ففي الحديث “إذا دخل أحدكم المسجد فلا يجلس حتى يصلي ركعتين”، ومنها ركعتان بين الآذان والإقامة، ففي الحديث “بَينَ كلِّ أذانينِ صلاةٌ”، ومنها أربع ركعات قبل العصر، ففي الحديث “رحم الله امرأ صلى قبل العصر أربعا”، ومنها ركعتان قبل المغرب لحديث “صلوا قبل المغرب ركعتين، قالها ثلاثا ثم قال: لمن شاء”، وتؤدَّى النوافل ركعتين ركعتين حتى الوتر إذا صلاها المسلم ثلاثا فأكثر، تصلى اثنتين اثنتين ثم ركعة، ونهى النبي أن تُشبَّه صلاة الوتر بصلاة المغرب.

ــ والأفضل في النوافل أن تُصلَّى في البيت؛ حتى تحلَّ البركة فيه، وتعمره الملائكة وتُطرَد منه الشياطين، ففي الحديث “أفضل صلاة المرء في بيته إلا المكتوبة”، وإن تعذر عليه أن يصلي نوافله المقيدة في البيت أو خشى أن تفوته الجماعة صلاها مع الفريضة في المسجد، ولحديثنا بقية.

زر الذهاب إلى الأعلى