ثقافةدنيا ودينصحيفة المواطنمقالات

يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَاناً”

يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَاناً”

متابعة /ناصف ناصف

الاستقامة على دين الله، والمحافظة على العبادات، وحب هذا الدين، والتضحية من أجله، شعار الصادقين، وسبيل المؤمنين، وسر نجاحهم، وقد أثنى الله على المؤمنين من أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لصدقهم، وتحملهم، والتزامهم بهذا الدين، فقال -تعالى-: ” لِلْفُقَرَاءِ الْمُهَاجِرِينَ الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَاناً وَيَنْصُرُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ” الحشر-8 ,و دين الإسلام الذي يرغب أتباعه أن يتعاونوا ليشملهم الخير وتعمهم البركة وتغمرهم السعادة , وجد استجابة سريعة منهم , وكان الواحد منهم يؤثر أخاه على نفسه.

وما الحياة في مظاهرها الجادة، إلا عزم يؤثر الإقدام على الإحجام، والفرق بين الذين ينجون في أعمالهم وبين الذين يفشلون: إن اولئك يتحكمون الى إرادتهم، ويواجهون الحياة بعزم حديدي لا يعرف العجز والهزيمة، وهؤلاء تخور إرادتهم، أمام عادة أو شهوة، فيسقطون خانعين.

وإن لذة العطاء أحلي بكثير من لذة الأخذ.. إن الفلاسفة دائماً لديهم قدرة فائقة علي نقض الأفكار أو المسلمات، لكن الحقيقة التي اتفق عليها أغلب الفلاسفة أن سعادة الإنسان في العطاء أحلي من سعادته في الأخذ. ولكن شتان بين عطاء وعطاء، شتان بين عطاء مشوب بحذر وبخل وحساب والعطاء الشامل بلا حدود . والإيثار أن تؤثر غيرك بما في يدك بنفس طيبة, وخلق كريم, وسماحة وجود, وتفعل ذلك لله فقط, فلا تمنن ولا تستكثر, لأنك تشعر أن ما في يدك عطاء من الله.. فأنت تقدمه شكرًا لواهبه وطمعًا فى زيادته عندك.. وسوف تجد ذلك حتمًا لقول المولى عز وجل ” لئن شكرتم لأزيدنكم” إبراهيم -7. أي: لَئِنْ شَكَرْتُمْ بِالطَّاعَةِ لَأَزِيدَنَّكُمْ فِي الثَّوَابِ.

والإسلام دين يقوم على البذل فى سبيل الخير والإنفاق فى سبيل المصالح العامة , وحث المسلمين على المسارعة إلى الخير وتلبية داعي الإحسان .. لأن النفس إذا وثقت في الله واطمأنت أبصرت أمرها , وإذا أيقنت بالله عرفت مصدر الخير . لذلك ينفق الإنسان ولا يخشى إقلالًا , ولا ترى النفس لها فضلًا فيما أنفقت لأن الفضل لله الذي يعطينا ويمنحنا وهو الذي قال لنا ” الذين ينفقون أموالهم بالليل والنهار سرًا وعلانية فلهم أجرهم عند ربهم ولا خوف عليهم ولا هم يحزنون” البقرة 274. هذا مدح منه تعالى للمنفقين في سبيله ، وابتغاء مرضاته في جميع الأوقات من ليل أو نهار ، والأحوال من سر وجهار ، حتى إن النفقة على الأهل تدخل في ذلك أيضا . وهذا معناه أن الذين يُخْرجون أموالهم مرضاة لله ليلا ونهارًا مسرِّين ومعلنين، فلهم أجرهم عند ربهم، ولا خوف عليهم فيما يستقبلونه من أمر الآخرة، ولا هم يحزنون على ما فاتهم من حظوظ الدنيا. ذلك التشريع الإلهي الحكيم هو منهاج الإسلام في الإنفاق لما فيه مِن سدِّ حاجة الفقراء في كرامة وعزة، وتطهير مال الأغنياء، وتحقيق التعاون على البر والتقوى؛ ابتغاء وجه الله دون قهر أو إكراه.

أ.د/ مفيدة إبراهيم على عبد الخالق – عميدة كليات الدراسات الإسلامية والعربية

زر الذهاب إلى الأعلى