مقالات

وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاء وَالْمُنكَرِ وَالْبَغْيِ"

وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاء وَالْمُنكَرِ وَالْبَغْيِ"

المقال الاسبوعى للأستاذة الدكتورة مفيدة ابراهيم على عميدة كليات الدراسات الإسلامية والعربية

متابعة ناصف ناصف

إن امتثال الأخلاق هو امتثال لأمر الله، وأمر رسوله، ولقد وردت العديد من النصوص في كتاب الله تحث على التخلق بأخلاق نبي الإسلام الذي امتدحه ربه بقوله “وإنك لعلى خلق عظيم”، ومنها :قوله تعالى “إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاء ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاء وَالْمُنكَرِ وَالْبَغْيِ”وغيرها.
ولخص لنا النبي “صلى الله عليه وسلم” رسالته في جملة واحدة فقال: “إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق”، رواه أحمد والبخاري.
كما أن الأمتثال بالأخلاق الحسنة تحقق للمسلم السعادة في الدارين، الدنيا والأخرة، والبعد عن الأخلاق هو انحطاط وذل يعترى صاحبه في الدنيا والآخر.
والإسلام دين الأخلاق، جاء بها وأوصى بها، وأمرنا من الانتهاء عن كل فاحش بذئ،والكلام سواء الجائز أو المباح أو الواجب الذي لا يسكت عنه فقد قال تعالى: “وَالَّذِينَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ ” وهي صفة العلماء والمتعلّمين العاملين بما تعلّموا، فقد رُوي عن الخلّال كلامه عن عطاء -رحمه الله- أنّه قال: كانوا يكرهون فضول الكلام، وكانوا يعدُّون فضول الكلام ما عدا كتاب الله أن نقرأه، أو أمراً بمعروفٍ، أو نهياً عن منكر، أو أن تنطق في معيشتك بما لا بدّ لك منه ، قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: (إنَّ العبدَ ليتكلَّمُ بالكلمةِ من رضوانِ اللهِ، لا يُلقي لها بالاً، يرفعُه اللهُ بها درجاتٍ .والكلام المباح في التراث كانت لازمة راوي قصص ألف ليلة وليلة، أن لابد ينهيها في كل ليلة بصياح الديك فيقول: وأدركت شهرزاد الصباح، فسكتت عن الكلام المباح. والسؤال هل هناك كلام غير مباح تقوله شهر زاد، في حضرة السلطان وبعد صياح الديك؟ وعلى ما يبدو لي أنها حكمة فيها نصر الضعيف في كثير من الأحايين على القوي، كما انتصرت شهر زاد بضعفها على السياف . وإذا قارنا زمن الحكايات بأزماننا هذه لوجدنا أن قائمة الكلام غير المباح شملت أجزاء كبيرة من حياتنا. تحت ما يسمى بروح الفاكهة والدعابة وكذا الضحك من كل شيء وأي شيء دون تفكر أوتدبر لقوله تعالى”مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ” أي أن جميع ما يتكلم به المرء من خير يؤجر عليه ، واجباً كان أو مستحباً، أو من شر تلحقه تبُعتُهُ محرماً كان أو مكروهاً . وهذا ليس بنقد فالضحك مفيد جدا للإنسان وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يضحك حتى تبدو نواجذه وقال عليه صلوات الله عليه وسلامه فيما معناه : ” روحوا على قلوبكم ساعة بعد ساعة فإن القلوب إذا كلت عميت” وقال عز وجل في كتابه الكريم : “هو الذي أضحك وأبكى”
فالضحك صفة خص بها الله سبحانه وتعالى الإنسان مثل خاصية الكلام والعقل ولكن الضحك المباح والكلام المباح دون سخرية أو استهزاء أو انقاص من قدر الآخر أو ما يسمى بالتنمر في الوقت الحالي لقوله تعالى: “فلا يسخر قوم من قوم عسى أن يكونوا خيرا منهم “، وقال أحد الصالحين: (إنّما الكلام أربعة: أن تذكر الله، وتقرأ القرآن، وتسأل عن علم فتخبر به، أو تكلّم فيما يعنيك من أمر دنياك)، فكانت هذه الأوجه التي تستحقّ الكلام فيها وإلّا فلا. أ.د/ مفيدة إبراهيم على عبد الخالق
عميد كليات الدراسات الإسلامية والعربية

زر الذهاب إلى الأعلى