مقالات

” ادْخُلُوا مِصْرَ إِن شَاءَ اللَّهُ آمِنِينَ”

" ادْخُلُوا مِصْرَ إِن شَاءَ اللَّهُ آمِنِينَ"

 

متابعة ناصف ناصف

المقالل الاسبوعى للأستاذة الدكتورة مفيدة ابراهيم على عميدة كليات الدراسات الإسلامية والعربية

  

” يا أهل مصر، نصرتمونا نصركم الله، وآويتمونا آواكم الله، وأعنتمونا أعانكم الله، وجعل لكم من كل مصيبة فرجًا ومن كل ضيق مخرجًا”، ستظل هذه الدعوات المباركات حصنًا وملاذًا لكل المصريين، فقد حظيت مصر بشرف دعاء السيدة زينب بنت الإمام على رضى الله عنهما لأهل مصر عندما قدمت إليها.

أن مصر تعرضت عبر تاريخها المديد لحروب وضغوط واستعمار ومحاولات استلاب من أعدائها ومن الطامعين فيها والمتربصين بها، و لا تزال تعيش وتقاوم وستظل تفاجئ الدنيا بقيادتها الحكيمة الرشيدة و ببنيها الذين يصححون الأخطاء ويرتفعون بها.

   ولقد شرَّف اللهُ -عز وجل- مصر، وكرَّمها، وجعلها كنانته في أرضه، ووهبها مكانة سامقة إلى يوم الدين، وإن المتأمل في مظاهر تكريم الله تعالى لها يرى:

أن مصر ذُكرت بالتلميح كما ذُكرت بالتصريح في القرآن الكريم، في أكثر من ثلاثين مرة‏، وهو أمر لم يكن لأي دولة ‏، وآيات التلميح لها مواطن كثيرة متفرقة، ومن ذلك قوله تعالى: “وَالتِّينِ وَالزَّيْتُونِ (1) وَطُورِ سِينِينَ” التين: 1ــ 2 و بالتصريح على لسان يوسف عليه السلام في قوله تعالى :” فَلَمَّا دَخَلُوا عَلَىٰ يُوسُفَ آوَىٰ إِلَيْهِ أَبَوَيْهِ وَقَالَ ادْخُلُوا مِصْرَ إِن شَاءَ اللَّهُ آمِنِينَ “يوسف- 99. أي مطمئنين وواثقين من أنه لن يصيبهم المكاره والأخطار والمخاوف، فدخلوا في حال من الفرح والسرور، والطمأنينة والثقة وعدم القلق. 

 

 وغيرها من الآيات. الكريمة التى تشع بالخير والبركة لهذا البلد الأمين, وقد ذُكرت مصرعلى لسان سيدنا محمد في أحاديث متعددة، حيث أوصى بالإحسان إلى أهلها؛ فقال صلى الله عليه وسلم: (إنكم ستفتحون مصرَ، وهي أرضٌ يُسمى فيها القيراطُ. فإذا فتحتموها فأحسنوا إلى أهلِها. فإن لهم ذمةً ورحمًا. أو قال: ذمةً وصهرًا) (أخرجه مسلم)، فالرحم هي أمنا هاجر أم أبينا إسماعيل عليه السلام، أما الصهر فهي السيدة (مارية القبطية) التي تزوجها رسولنا الكريم وأنجبت له ابنه إبراهيم.

ومن مظاهر تكريم الله لمصر أنها استضافت كثيرًا من الصحابة الكرام، فقد دخلها في فتحها مئة رجل ونيف ممن صحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، كما تشرفت بعيش عدد كبير من التابعين، وتابعي التابعين، وأولياء الله الصالحين فيها، ونشأ على أرضها الزهاد والعباد والعلماء والفقهاء والمصلحون، ووارى رفاتَهم الميمون ثراها الطاهرُ ليشرف بهم إلى يوم الدين.

و جند مصر هم خير أجناد الأرض؛ فهم في رباط وحراسة للوطن والإسلام والعروبة إلى يوم القيامة.

ومن عظيم مِنح الله لمصر أن الله تعالى حباها بالقيادة الرشيدة المثل والقدوة الذي قاد المصريين إلى العمل والحب، وقد زرع بينهم الطمأنينة. وأزاح عنهم التخوين، وأخذ يقويهم ويعدل بينهم ويصلح بينهم و يرتفع بهم وهذا الأهم.

 كما حباها بالأزهر الشريف –قِبلة العلم وشعاع النور- لذلك -وكثير غيره من مظاهر تكريم الله لها- كانت مصر مثار إعجاب العباقرة عبر التاريخ، قال عنها الكندي في كتابه (فضائل مصر المحروسة): “قد فضَّل اللهُ مصر، وشهد لها في كتابه بالكرم وعظيم المنزلة “, 

إن كل ما ذكرت به مصر فى القرآن والأحاديث، يجب أن نقدسه تماماً، وأن نعوضها ولو شيئاً بسيطاً. إنها مصر التي استبقاها الخالق العظيم وسط العواصف شامخةً والتي اختصها تعالى بخصائص فريدة لم تكن لغيرها .

   أ.د/ مفيدة إبراهيم على – عميد كليات الدراسات الإسلامية والعربية

.

زر الذهاب إلى الأعلى