مقالات

قــراءة في فـقـــه الطهارة 4 للاستاذالدكتورعلاءااحمزاوى الاستاذبجامعة المنيا

قــراءة في فـقـــه الطهارة 4 للاستاذالدكتورعلاءااحمزاوى الاستاذبجامعة المنيا

 

متابعة ناصف ناصف

ــ لنا ست وقفات مع آية {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُبًا فَاطَّهَّرُوا وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا}، إحداها أن الخطاب للمؤمنين، فصارت الصلاة من متطلبات الإيمان، ولا يصلح الإيمان بدونها، وأن الطهارة شرط لصحة الصلاة، ومن ثم فهي من تمام الإيمان، والوقفة الثانية أن قوله تعالى: {إذا قمتم إلى الصلاة فاغسلوا} فيه إشكالان: الأول أن ظاهره يوجب الطهارة بعد الصلاة، وذلك مخالف لحقيقة الأمر، فذكر العلماء أن القيام بمعنى الإرادة والاستعداد، أي إذا أردتم الصلاة فاغسلوا، والآخر أن ظاهره يوجب الطهارة لكل صلاة؛ فاختلف العلماء في ذلك، فحمل بعضهم الخطاب على ظاهره، وأوجبوا الوضوء لكل صلاة بصرف النظر عن حدوث الحَدَث، واستدلوا بفعل النبي، وذهب الجمهور إلى أن ذلك كان مشروعا حتى يوم الفتح، حيث صلى النبي جميع الأوقات في ذلك اليوم بوضوء واحد، فكان فعله نسخا لظاهر النص وتشريعا يهدف إلى التخفيف على الأمة بدليل أن سيدنا عمر قال: “يا رسول الله صنعت شيئا لم تكن تصنعه! فقال النبي: عمدا فعلته يا عمر”؛ فقال العلماء: الوضوء واجب للمحدِث مستحب لغيره عند كل صلاة، فتقدير الآية (إذا أردتم الصلاة وأنتم محدثون فاغسلوا).

ــ والوقفة الثالثة أن كلمة {إلى} في قوله: {إلى المرافق} و{إلى الكعبين} أثارت إشكالا؛ لأن {إلى} لانتهاء الغاية، ولا يدخل ما بعدها في حكم ما قبلها، كما في قوله: {ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ}، فالليل ليس داخلا في الصيام، فإذا طبقنا هذا المعنى على قوله: {إلى المرافق} و{إلى الكعبين} انتهينا إلى أن المرافق والكعوب ليست داخلة في الغَسْل، وهو مخالف لفعل النبي، بل إن النبي حذّر من التهاون في غسل الكعبين، حيث تَعَجَّلَ قَوْمٌ صلاة الْعَصْرِ، فَتَوَضَّئُوا وَهُمْ عِجَالٌ، فلم يمس الْمَاءُ أعقابهم (كعوبهم)، فقال النبي: وَيْلٌ لِلْأَعْقَابِ مِنْ النَّارِ أَسْبِغُوا الْوُضُوءَ”، فطرح العلماء تفسيرين لـ{إلى} في الآية، أحدهما أنها بمعنى (مع) أي (اغسلوا أيديكم مع المرافق)، وتناوب الحروف جائز في اللغة، والتفسير الآخر أن ما بعد (إلى) إذا كان من نوع ما قبلها دخل في حُكمه، والمرافق امتداد لليدين، فتدخل في الغسل.    

ــ والوقفة الرابعة أن كلمة {المرافق} جاءت جمعا وكلمة {الكعبين} جاءت مثنى؛ لأن كل يــد لها مرفق واحد، فجاءت جمعا المرافق لتوافق جمع {أيديكم}، في حين أن كل رِجْل لها كعبان، فلو جاءت جمعا لاحتمل أن غسل كعب واحد يكفي، فجاءت مثنى للتأكيد على أن الغسل واجب للكعبين.

ــ والوقفة الخامسة مع عبارة {من الغائط} فالمراد به الحدث الأصغر، وهو في اللغة المكان المنخفض المستعمل لقضاء الحاجة، ثم أُطلِق مجازا على الحَدَث نفسه، وعبارة {لامستم النساء} فيها تفسيران: أحدهما أن المراد بها الجماع فتكون حدَثا أكبر يوجب الغُسل، والآخر أن المراد بها مسّ جسم المرأة بشهوة فتكون حدَثا أصغر يوجب الوضوء.   

ــ والوقفة السادسة أن الآية نزلت تكريما للسيدة عائشة، خرجت مع النبي في سفر، وانْقَطَعَ عِقْدها، فأقَامَ رَسولُ اللهِ علَى التِمَاسِهِ، وأَقَامَ النَّاسُ معهُ، وليسَ معهُمْ مَاءٌ، فأتَى النَّاسُ إلى أبِي بَكْرٍ يشكون عائشة، والنبي نائم، فعاتبها أبوها بشدة، ثم استيقظ النبي على غير ماء، فأنْزَلَ اللَّهُ الآيَةَ بركة وتكريما لعائشة، فسُميت آيـة التيمم.

زر الذهاب إلى الأعلى