تحقيقاتتقاريرثقافةدنيا ودينمحافظات

قــراءة في فـقـــــه الصلاة 9 ا.د. علاء احمزاوى الاستاذ بجامعة المنيا

ينقلها لكم/ ناصف ناصف

ــ ذكرنا أن الصلوات الجماعية سبع: منها الفرائض اليومية وصلاة الجُمعة (سبق ذكرهما)، ومنها صلاة الكسوف والخسوف، وهما من الفعلين كَسَفَ وخَسَفَ بمعنى نقص أو اختفى، وكلاهما لازم ومتعدٍّ، يقال: كَسَفت الشمس وكَسَفَها الله، وخَسَفَت الأرض وخَسَفَها الله، قال تعالى: {فَخَسَفْنَا بِهِ وَبِدَارِهِ الْأَرْضَ} أي جعلناه يختفي فيها، و{خَسَفَ الْقَمَرُ} اختفى ضوؤه، واختص الكسوف بالشمس؛ لأن معناه حجب ضوئها أو انتقاصه، واختص الخسوف بالقمر؛ لأن معناه غيابه واختفاؤه، ويقال: كسوفهما أو خسوفهما، فكلاهما بمعنى غياب الضوء، واستُعمِل اللفظان في السُّنة بمعنى واحد، فقد حدث كسوف للشمس يوم مات إبراهيمُ بنُ رسولِ اللهِ، فقالوا: كَسَفتِ الشَّمسُ لموتِ إبراهيمَ، فقال رسولُ اللهِ: إنَّ الشَّمسَ والقَمَرَ آيتانِ من آياتِ اللهِ عزَّ وجلَّ، لا يُكسَفانِ لمَوتِ أحَدٍ ولا لحَياتِه، فإذا رَأيتُموهما كذلك فافزَعوا إلى المساجِدِ”، وفي رواية “لَا يَخْسِفَانِ لِمَوْتِ أَحَدٍ وَلَا لِحَيَاتِهِ، فَإِذَا رَأَيْتُمْ ذَلِكَ فَصَلُّوا».

ــ والحَدَثان من مشاهد يوم القيامة، قال تعالى: {فَإِذَا بَرِقَ الْبَصَرُ. وَخَسَفَ الْقَمَرُ. وَجُمِعَ الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ. يَقُولُ الْإِنسَانُ يَوْمَئِذٍ أَيْنَ الْمَفَرّ}، والخسوف في الآخرة خسوف كلي، ولا يشعر به المؤمنون، وسيجمع الله الشمس والقمر معا ويُذهِب ضوءهما؛ ليرى المشركون أنهما مخلوقان مُسيَّران بأمر الله؛ لذلك فحدوث الظاهرة في الدنيا تذكير للعباد بالآخرة، ليلجأوا إلى الله، والظاهرة وسيلة من وسائل التخويف الإلهي للناس في الدنيا، قال تعالى: {وَمَا نُرْسِلُ بِالْآيَاتِ إِلَّا تَخْوِيفًا}.

ــ وبيَّن النبي الغاية من صلاة الكسوف والخسوف في قوله: “فَصَلُّوا وَادْعُوا حَتَّى يَنْكَشِفَ مَا بِكُمْ” أي صلوا تضرعا إلى الله حتى يعود ضوؤهما الطبيعي ويزول الخوف، والصلاة ركعتان في كل ركعة قيامان وركوعان وسجودان، تبدأ بتكبيرة الإحرام ثم دعاء الاستفتاح ثم الاستعاذة فالبسملة فالفاتحة ثم سورة البقرة أو قدْرها في الطول ثم الركوع طويلًا والتسبيح فيه قدر مائة آية ثم الرفع من الركوع مصحوبا بالحمد والتسبيح ثم قراءة الفاتحة وسورة أقصر من السورة الأولى ثم الركوع طويلا ثم الرفع مصحوبا بالحمد والتسبيح ثم السجود سجدتين طويلتين دون إطالة للجلوس بين السجدتين، ومثل ذلك في الركعة الثانية، والقراءة فيها أقــل طولا.

ــ وصلاة الخسوف جهرية لأنها ليلية، وصلاة الكسوف سرية لأنها نهارية، والخطبة بعد الصلاة دعاء وتذكير بآيات الله، ووقت الصلاة من ابتداء الظاهرة إِلى نهايتها، فإذا استمرت الظاهرة بعد الصلاة لا يصلي المسلمون مرة أخرى، إنما يتضرعون إلى الله بالدعاء والاستغفار حتى تنتهي الظاهرة ويزول الخوف.

ــ ومن الصلوات الجماعية صلاة الاستسقاء، وقد شُرِعت عند احتباس المطر، ويخرج لها المسلمون خاشعين متذللين متضرعين رجالا ونساءً وصبيانا، ويحدد لهم ولي الأمر يوما يخرجون فيه للصلاة، وكيفيتها أن يصلي الإمام بالناس ركعتين فى أى وقت غير وقت الكراهة يجهر في الأولى بالفاتحة وسورة الأعلى، وفي الثانية بالفاتحة والغاشية، والتكبيرات فيها سبع في الركعة الأولى دون تكبيرة الإحرام وخمس في الركعة الثانية دون تكبيرة القيام، وينادَى لها بـ”الصلاة جامعة”، ثم يخطب في الناس، وبعد الخطبة دعاء وتضرع وتذلل إلى الله، فقد صلى النبي بالصحابة صلاة الاستسقاء ثم خطب الناس ثم رفع يديه قائلا: “اللهمَّ اسْقِنَا غيثًا مُغِيثًا مَرِيئًا مَرِيعًا غَدَقًا طَبَقًا عاجلًا غير آجل نافعًا غيرَ ضارٍّ، تحيي به البلاد وتسقي به العباد، اللهم ارحم المشايخ الركع والأطفال الرضع والبهائم الرتع، اللهم زدنا قوة إلى قوتنا ولا تردنا محرومين إنك سميع الدعاء برحمتك يا أرحم الراحمين، فما فرغ رسول الله حتى جادت السماء وأخصبت الأرض وعاش الناس ببركة رسول الله”، و(مغيثا) من الإغاثة بمعنى الإعانة، و(مريئا) هنيئا صالحا خاليا من كل ما ينغصُّ كالهدم والغرق، (مريعا) خصيبا يخصب الأرض يجعلها خصبة، و(غدقا) كثيرا، و(طبقا) واسعا، وللحديث بقية.

زر الذهاب إلى الأعلى