مقالات

مَخَاوِفُ طِفْلِكَ….

أعدته وكتبته: د/ ياسمين ناجي
مدرس مساعد بقسم الصحة النفسية- كلية التربية- جامعة السويس

«لَا يُوجَدُ غَيْرُ شَيْءِ وَاحِدِ يَمِّكُنَّ أَنْ يَجْعَلَ الْحُلْمُ مُسْتَحِيلًا هُوَ خَوْفُ الْفَشَلِ»
من منا لم يمر بمرحلة الخوف خلال مراحل حياته.. فحياتنا مليئة بالخوف.. الخوف من الماضي والحاضر والمستقبل.. فالخوف ما هو إلا شعور يباغتنا ويعكر علينا صفو حياتنا.. أنا لا أرى ذلك الشبح الذي يُسمى بالخوف إلا أنه هادم اللذات.. نجد أن حياتنا على الرغم من أنها تسير في طريق مستقيم إلا وفجأة واحدة يأتي الخوف ويهدم كل ما قمنا ببنائه في لحظة..
فالخوف إما يكون طبيعيًا أو مرضيًا.. فالخوف هو حالة انفعالية داخلية طبيعية يشعر بها الإنسان في بعض المواقف ويسلك فيها سلوكًا يبعده عادة عن مصادر الضرر، وهذا كله ينشأ عن استعداد فطري أوجده الخالق في الإنسان، فذلك الخوف الذي يدفعنا لحماية أنفسنا والمحافظة عليها.
فالخوف أمر طبيعي معتدل ضروري يؤدي إلى حماية الفرد مما يجوز أن يسبب ضررًا، وهو مفيد لسلامة الفرد، وذلك يُمكن أن نسميه الخوف الواقي، ومما لا شك فيه أنه في درجاته المعتدلة صفة طيبة يجب الاتصاف بها.
أما الخوف الكثير المتكرر الوقوع لأي سبب فيكون خوفًا مرضيًا، ولذلك فإن تضخم الخوف في موقف ما خارج عن النسبة المعتدلة التي يتطلبها هذا الموقف عادة يعد أمرًا غير طبيعي، وهذا ضار لشخصية الفرد وسلوكه ويكون من مظاهره الانطواء وعدم الجرأة، والتهتهة وغير ذلك من الخصال المعطلة للنمو.
ومن الغريب أن مخاوف الأطفال تقسم حسب موضوعاتها إلى حسية وغير حسية:
النوع الأول: يمكن إدراكها بحواسنا المختلفة كالخوف من العسكري مثلاً أو بعض أنواع الحيوانات كالصرصار وغير ذلك.
النوع الثاني: فهو المخاوف غير الحسية كالخوف من الموت، والخوف من جهنم أو العفاريت أو غير ذلك، وكذلك الخوف من الظلام في حالة الأطفال.
وسواء كانت المخاوف حسية أو غير حسية فإن الطفل –شأنه شأن غيره- يخاف على العموم من الأمور الغريبة عنه التي ترتبط في ذهنه برباط الخوف.
ولكن الطفل الذي يخاف لا يسهل عليه تكوين الأصدقاء، ويفضل أن يبقى مع نفسه، لأن العالم الخارجي ليس مصدر أمان وطمأنينة له، ولذلك فإنه يتجنبه ليقي نفسه الدخول في مشاكل جديدة تجعله يشعر بالعبء والتعاسة.
وبذلك فالخوف يفسد الحياة ويجعل منها عبئًا يصعب احتماله، على الرغم من أن الحياة يمكن أن تكون سارة وبهيجة، ويُمكن أن نستمد منها الكثير من ألوان المتعة لو خلت نفوسنا من معظم المخاوف أو تحررنا منها.
ولكن كيف يُمكن حماية طفلك من تلك المخاوف التي تباغته من صغره؟
وهذا ما سوف نُكمله في المقال القادم.

المراجع
فهيم، كلير. (د.ت). الحب والصحة النفسية لأبنائنا. ط2. القاهرة: دار المعارف.

زر الذهاب إلى الأعلى