مقالات

ذهب معظمه، وبقي أعظمه ….)

 

نقله لكم ناصف ناصف

خطبة عن: فضل العشر الأواخر من رمضان
بقلم الاستاذ الدكتور محمد سلام كلية الدراسات الإسلامية والعربية خخخخ

عناصر الخطبة:
اولا : فضل العشر الأواخر، وليلة القدر
ثانيا : التحذير من التفريط في هذه الأيام والليالي
ثالثا : إحياء العشر بالاعتكاف والذكر
رابعا : زكاة الفطر: حكمها وحكمتها، ومقدارها، ووقتها

الحمد لله الذي خلق الإنسان وكرَّمه، وعلمه البيان وشرفه ..
الحمد لله على ما وفق به عباده لطاعته بفضله وبرحمته ..

وأشهد ألا إله إلا الله وحده المتفرد بالجلال والكمال ..
كريم في عطائه حليم في قضائه ..
تجلت رحمته في أجلِّ وأجمل ما تكون، إذ يقول في آيات الصيام:
(عَلِمَ اللَّهُ أَنَّكُمْ كُنتُمْ تَخْتَانُونَ أَنفُسَكُمْ فَتَابَ عَلَيْكُمْ وَعَفَا عَنكُمْ ۖ)

وأشهد أن محمداً عبده ورسوله المبعوث رحمة للعالمين ..
عن أبى هريرة رضي الله عنه أن رسول الله ﷺ قال:
“سَبَقَ الْمُفَرِّدُونَ “.
قَالُوا : وَمَا الْمُفَرِّدُونَ يَا رَسُولَ اللَّهِ ؟
قَالَ : ” الذَّاكِرُونَ اللَّهَ كَثِيرًا وَالذَّاكِرَاتُ ” (رواه مسلم).

ألا فاذكروا الله في نفوسكم تضرعا وخيفة ودون الجهر من القول، وأكثر ا من الصلاة والسلام على نبيكم صلوات الله وسلامه عليه وآل بيته الطيبين، وصحابته الميامين، والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين..

أما بعد ،،،،،

فيا أيها الصائمون ..
أحباب الله وأحباب رسوله ﷺ هذا شهركم الكريم قد ذهب معظمه، لكن بقي أعظمه ….!!
وقد بدا ما بقي من أعظمه يتقلص كذلك، وتنقضي لياليه الشريفة، شاهدة على ما قلتم أو فعلتم على نحو ما يقول الله جلَّ جلاله:
( يَوْمَ تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ مَّا عَمِلَتْ مِنْ خَيْرٍ مُحْضَرًا وَمَا عَمِلَتْ مِنْ سُوءٍ تَوَدُّ لَوْ أَنَّ بَيْنَهَا وَبَيْنَهُ أَمَدًا بَعِيدًا ).
يوم تشهد على الإنسان جوارحه، عن لى نحو ما يقول الله سبحانه وتعالى:
(وقالوا لجلودهم لمَ شهدتم علينا قلوا أنطقنا الله الذي أنطق كل شيء وهو خلقكم أول مرة وإليه ترجعون).

وهذا هو ربكم عباد الله يناديكم، يرشدكم، يحذركم ويبشركم، ويذكركم فيما رواه أبو ذر عَنِ النبيِّ ﷺ فِيما رَوَى عَنِ اللهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى أنَّهُ قالَ:
[ يا عِبَادِي كُلُّكُمْ ضَالٌّ إلَّا مَن هَدَيْتُهُ، فَاسْتَهْدُونِي أَهْدِكُمْ،
يا عِبَادِي كُلُّكُمْ جَائِعٌ، إلَّا مَن أَطْعَمْتُهُ، فَاسْتَطْعِمُونِي أُطْعِمْكُمْ،

يا عِبَادِي كُلُّكُمْ عَارٍ، إلَّا مَن كَسَوْتُهُ، فَاسْتَكْسُونِي أَكْسُكُمْ،
يا عِبَادِي إنَّكُمْ تُخْطِئُونَ باللَّيْلِ وَالنَّهَارِ، وَأَنَا أَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا، فَاسْتَغْفِرُونِي أَغْفِرْ لَكُمْ…..

يا عِبَادِي لو أنَّ أَوَّلَكُمْ وَآخِرَكُمْ وإنْسَكُمْ وَجِنَّكُمْ قَامُوا في صَعِيدٍ وَاحِدٍ فَسَأَلُونِي فأعْطَيْتُ كُلَّ إنْسَانٍ مَسْأَلَتَهُ، ما نَقَصَ ذلكَ ممَّا عِندِي إلَّا كما يَنْقُصُ المِخْيَطُ إذَا أُدْخِلَ البَحْرَ،

يا عِبَادِي إنَّما هي أَعْمَالُكُمْ أُحْصِيهَا لَكُمْ، ثُمَّ أُوَفِّيكُمْ إيَّاهَا، فمَن وَجَدَ خَيْرًا، فَلْيَحْمَدِ اللَّهَ وَمَن وَجَدَ غيرَ ذلكَ، فلا يَلُومَنَّ إلَّا
نَفْسه ]

أولا: فضل العشر الأواخر، وليلة القدر
———————————————-
أحبة الله وأشباه ملائكة الملك العلام بما أنتم عليه بإخلاص من صيام وصلاة، وذكر وقيام إن للعشر الأواخر فضائل وخصائص ينبغي على المؤمن الكيس ألا يفرط في دقائقها قبل ساعاتها متأسيًّا في ذلك بخير من صلى وقام النبي المصطفى والحبيب المجتبى فيما أثر عنه أنه ” كان يجتهد في العشر الأواخر من رمضان ، ما لا يجتهد في غيرها ” – مسلم.

وفي الصحيحين من حديث عائشة رضي الله عنها أن النبي ﷺ:
” كان إذا دخل العشر أحيا الليل وأيقظ أهله وشد مئزره “

و” شد مئزره ” كناية عن الاستعداد للعبادة، والاجتهاد فيها زيادة على المعتاد …
وقيل هو كناية عن اعتزال النساء وترك الجماع وما يتصل بذلك من شهوات …

و” أحيا الليل ” أي استغرقه بالسهر في الصلاة وغيرها ويقوم أغلب الليل أو يكون المعنى أنه يقوم الليل كله لكن يتخلل ذلك العشاء والسحور وغيرهما فيكون المراد أنه يحيي معظم الليل.

و” أيقظ أهله ” أي : أيقظ أزواجه وأولاده للقيام، ومن المعلوم أنه ﷺ كان يوقظ أهله في سائر السنة، ولكن ذلك كان لقيام بعض الليل …

• ومن أفضل فضائل العشر الأواخر أن فيها ليلة القدر

– وليلة القدر: اسم عظيم لأعظم ليالي الدهر …
والله جلَّ جلاله هو الذي سماها بهذا الاسم الأعظم؛
– وقد نص فيها على شرف هذه الليلة، وجلالها وعظَّم قدرها بأنها خير من ألف شهر، وهي قوله تعالى:
(لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ•تَنَزَّلُ الْمَلائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِمْ مِنْ كُلِّ أَمْرٍ•سَلامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ). – سورة القدر.

– وجلال قدر ليلة القدر وشرف مكانتها عند الله لكثرة مغفرة الذنوب، وستر العيوب فيها؛ فهي ليلة المغفرة كما في الصحيحين عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي ﷺ قال:
” من قام ليلة القدر إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه “.
– رواه البخاري، ومسلم.

– وليلة القدر لها ثواب وفضل عظيم لا يقدره قدره إلا رب العالمين تبارك وتعالى لمن يقوم ليلها في أقل من 10 ساعات ذلك الثواب الذي يفضل ثواب ألف ليلة أو يفضل 83 سنة.

وفي هذا ترغيب للمسلم وحث له على قيام هذه الليلة المباركة بالجِدّ والاجتهاد في الطاعة بالإقبال على الله، والخشوع في الذكر، والصلاة فرضًا وتطوعًا قيامًا وركوعًا وسجودًا، وقراءة القرآن بإخبات، وتبتُّل وبكاء، وبذل وإنفاق وعطاء، وقول معروف، وعمل الطيبات …

• وقد يسأل سائل: هل يمكن رؤية ليلة القدر عيانًا؟ وكذا هل يمكن رؤيتها منامًا؟

– الثابت عن رسول الله ﷺ أنه لم يخبر عن رؤيتها بالعين البشرية المجردة في السماء كأن يرى الناس طاقة نور أو ما شابه ذلك، كما لم يثبت ذلك عن صحابته رضي الله عنهم أجمعين.
– والثابت كذلك عنه ﷺ هو رؤية أمارات وعلامات تدل على حدوث ليلة القدر لتكون بشرى ودليلًا في تحريها ومن ثم إدراك بركاتها وخير ما فيها ..

• ومن أهم علاماتها:
– علامة تكون في أثنائها: وتلك على نحو ما رواه أحمد من حديث الصحابي الجليل عبادة بن الصامت عن النبي ﷺ أنه قال:
“إن أمارة ليلة القدر أنها صافية … ساكنة ساجية، لا برد فيها ولا حر ….”.
– وعلامة تكون بعد انقضائها: وتلك تكون على نحو ما رواه مسلم عن الصحابي الجليل أُبَيُّ بنُ كَعبٍ رَضِيَ اللهُ عنه أنه قال: أخبرنا رسول الله ﷺ أن ليلة القدر “تطلع الشمس في صبيحة يومها بيضاء لا شعاع لها”.

وسبب ذلك -كما قال شراح الحديث الشريف- هو الكثرة العظيمة لأعداد الملائكة الصاعدة والنازلة بالرحمات ليلتها لدرجة تجعل أجنحتها العظيمة تغطي شعاع الشمس حتى تصير كأنها بدر بارد…!!
عن أبي هريرة، أنَّ رسول الله ﷺ قال في ليلة القدر: ” إنَّ الملائكة تلك الليلة في الأرض أكثر من عدد الحصى “.
– أخرجه أحمد.

– وقد أخرج الشيخان عَنْ أمّنا عَائِشَةَ قَالَتْ:
قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ: أَرَأَيْتَ إِنْ عَلِمْتُ أَيُّ لَيْلَةٍ لَيْلَةُ الْقَدْرِ مَا أَقُولُ فِيهَا؟
قَالَ : (قُولِي: اللَّهُمَّ إِنَّكَ عُفُوٌّ كَرِيمٌ تُحِبُّ الْعَفْوَ فَاعْفُ عَنِّي)

ورسول الله ﷺ يعلمنا من هذا الحديث الشريف أن ليلة القدر قابلة للعلم بها.
وذلك حيث يمكن لأهل الصلة بالله سبحانه وتعالى والصدق والإخلاص في العبادة أن يُلهَموا بإدراكها، ويستشعروا بنور بصائرهم ما يوفقهم الله إليه من بركات وألطاف وأنوار وأسرار في المنام بإلهامات ربانية ..

• وهنا سؤال جديد وجليل:
– هل يُنال ثواب ليلة القدر وخيرها حتى وإن لم تُرَ لا عيانًا ولا منامًا لمن قامها ….؟

– والإجابة بيقين في الله جلَّ جلاله واطمئنان بذكر الله وبفضله وبرحمته: نعم ينال الإنسان المسلم ثواب ليلة القدر وأجرها وفضلها وخيرها إذا هو قامها إيمانًا واحتسابًا استنادًا إلى قول الرسول الكريم ﷺ:
“من قام رمضان إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه”

فالتعبير ب (من) يفيد العموم والشمول في الفوز بثواب ليلة القدر لكل من قامها ….
لكن الفوز بذلك الثواب لقيامها لا يتحقق إلا إذا كان قيامها إيمانًا بحقها وقدرها وفضلها، كما يكون قيامها بعبادة الله عبادة أهل التقوى والإخلاص والاحتساب …

• والسؤال الأعظم:
– في أي ليلة تكون ليلة القدر حتى يمكن الفوز بخيرها؟
– لقد ورد في شأن وقتها أحاديث شريفة، منها:

– عن عائشة رضي الله عنها أن رسول الله ﷺ قال:
” تَحَرَّوْا لَيْلَةَ الْقَدْرِ فِي الْوِتْرِ مِنْ الْعَشْرِ الأَوَاخِرِ مِنْ رَمَضَانَ “.
– رواه البخاري، ومسلم.
– وعن عُبادة بن الصَّامت أنه سأل رسولَ الله ﷺ عن ليلة القَدر، فقال ﷺ:
” …. التمِسوها في العَشر الأواخر؛ فإنها وِتر إحدى وعشرين، أو ثلاث وعشرين، أو خمس وعشرين، أو سبع وعشرين، أو تسع وعشرين، أو في آخر ليلة “. – أخرجه أحمد.

• وللعلماء حول تعيين وقت ليلة القَدر في هذه الأحاديث الشريفة اجتهادات وآراء جليلة، منها:

– قد تكون في إحدي الليالي الوترية، كما قد تكون في إحدى الليالي الزوجية …
– وهي في ليلي الأوتار آكد منها في ليالي الأشفاع أي الزوجية…
– وهي في ليلة سبع وعشرين أرجى ما تكون منها في غيرها …

• والأحوط هو الاجتهاد في قيام كل ليلة من الليالي العشر الأواخر إيمانًا واحتسابًا أن كل ليلة منها هي ليلة القدر …
وذلك لأنه مهما ترجح من رأي فإنه لم يتم الجزم بذلك الرأي أو بغيره … وإلى هذا ذهب مالك والشافعي، والأوزاعي وأحمد، والقرطبي رحمهم الله جميعا.

• والمؤمن الكيس المحتسب يجتهد في قيام العشر الأواخر دون تعيين إدراكًا للحكمة من إخفائها لكي يجتهد الناس في العبادة، وذلك كما أخفى الله چلَّ جلاله الصلاة الوسطى في الصلوات الخمس، وكما أخفى اسمه الأعظم بين أسمائه الحسنى.

• وما أجلَّ وأجمل أن نقتدي في ذلك بخير من صلى وصام، وقام واعتكف، مع أن الله قد غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر، إمام الأنبياء والمرسلين سيدنا محمد ﷺ ..

ثانيا : التحذير من التفريط في هذه الأيام والليالي
————————————————————–
فيا رعاكم الله أهل الصيام والقيام: الحذر الحذر كل الحذر ـ يرحمكم الله ـ من أن نكون في هذه الليالي والأيام المباركات كما كنا في غيرها من تقاصر للهمم، وخوار العزائم ….
والغنائم الغنائم، والخير الخير: ما أطيب الغنائم، وما أكثر الخير في هذه الأيام وليالي ليلة القدر ….!!

فهلموا هلموا، ويا باغي الخير أقبل أقبل، ويا باغي الشر أقصر أقصر …
وسلوا اللهَ أن يختمَ لكم بالحسنى والفوز بالدرجات العلا؛ فإنّ الأعمالَ بالخواتيم….
واحذروا يا رعاكم الله وخيم العاقبة والخسارة الفادحة التي جاء أمين السماء جبريل يحذر منها ويكشف عنها لرسول الله ﷺ وهو يصعد منبره الشريف قائلًا:
” رغِم أنف رجل أدركه رمضان فخرج فلم يغفر له، فأبعده الله، فقل: آمين، فقال النبي: آمين ” -أخرجه البخاري.

ثالثا : إحياء العشر بالاعتكاف والذكر
———————————————-
أحبتي في الله جلَّ جلاله ..
ومما يعد من خير السبل ومفاتيح جل العبادات، واغتنام هذه الأيام والليالي المباركات ذكر الله ….
• والذكر من أيسر العبادات عملا، إلا أنه من أعظمها أجرا، وأكثرها فضلا، وأعلاها شأنا…

ولمكانته ودرجته فإن الله جل جلاله ينادي أهل الإيمان آمرًا ومؤكدًا أن يكثروا من الذكر في كل حال ومآل حيث يقول:
﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْرًا كَثِيرًا* وَسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلًا) – النور: 1, 2.

• وذِكر الله هو روح العبادة ومعناها ومبناها …
– فقد جعلت إقامة الصلاة من أجل ذكر الله؛ قال سبحانه:
(إِنَّنِي أَنَا اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدْنِي وَأَقِمِ الصَّلَاةَ لِذِكْرِي) 1 – 4.

– وفي الصيام جعل الله تكملة عدة أيامه ذِكْرًا لله تعالى ذكرًا كبيرًا، حيث يقول جل جلاله:
(وَلِتُكْمِلُواْ الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُواْ اللّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ) – البقرة: 185.

– وفي الحج يقول الله جل وعلا:
(وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالاً وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ• لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ عَلَى مَا رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ ) – الحج: 27 – 28.

والله يباهى بالذاكرين ملائكته…
فعَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، قَالَ: خَرَجَ مُعَاوِيَةُ عَلَى حَلْقَةٍ فِي الْمَسْجِدِ، فقال: خَرَجَ النبي ﷺ عَلَى حَلْقَةٍ مِنْ أَصْحَابِهِ، فَقَالَ :
” مَا أَجْلَسَكُمْ؟”
قَالُوا : جَلَسْنَا نَذْكُرُ اللَّهَ وَنَحْمَدُهُ عَلَى مَا هَدَانَا لِلْإِسْلَامِ، وَمَنَّ بِهِ عَلَيْنَا.
قَالَ : ” آللَّهِ مَا أَجْلَسَكُمْ إِلَّا ذَاكَ ؟
قَالُوا: وَاللَّهِ مَا أَجْلَسَنَا إِلَّا ذَاكَ.
قَالَ : “أَمَا إِنِّي لَمْ أَسْتَحْلِفْكُمْ تُهْمَةً لَكُمْ ، وَلَكِنَّهُ أَتَانِي جِبْرِيلُ فَأَخْبَرَنِي أَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ يُبَاهِي بِكُمُ الْمَلَائِكَةَ ” (رواه مسلم)

• وأما عن الاعتكاف:
فالاعتكاف هو لزوم المسجد لطاعة الله تعالى
والاعتكاف يقوم فيه المسلم بالخلوة مع الله حيث الذكر، وقراءة القرآن، والتسبيح، والتهليل، وكثرة الصلاة من قيام الليل والتهجد فيما يتعلق بالرجال…
أما اعتكاف المرأة في منزلها فهو جائز والأفضل الاعتكاف في مصلاها في حجرة بالمنزل…

وإذا كانت الظروف لا تسمح بالاعتكاف في المسجد، فمن اعتكف هذا العام في بيته فأجره كما هو كل عام في المسجد لا ينقصه شيء مصداقا لقول الرسول ﷺ:

“من حافظ على مكرمة، ثم جاء ما يعطله عنها دون تعمد منه، فإنه يأخذ أجرها وأجر من عمل بها إلى يوم القيامة”

وفي هذا ما يطمئن المسلمين بأن أجر الاعتكاف هذا العام لا ينقص شيئا عن سابقه الأمر الذي يدفعنا الى اغتنام تلك الفترة في التقرب إلى الله….

أقول قولي هذا وأستغفر الله العظيم لي ولكم ..

( الخطبة الثانيه )

• رابعا : زكاة الفطر: حكمها وحكمتها، ومقدارها، ووقتها
——————————————————————–
أيها الاخوة الكرام ..
هذا الشهر المبارك تتنوع فيه الطاعات …
فقد شرع الله تعالى لنا فيه الصيام، والقيام، وصور شتى من العبادات ….
ومما شرع الله سبحانه وتعالى فعله في آخر هذا الشهر: زكاة الفطر، وهذا من فضل الله تعالى علينا …

• وزكاة الفطر شرعت حماية للأغنياء والفقراء ..
حيث شرع الله لنا ما يَطهر به صومنا مما قد يشوبه من اللغو والرفث؛ وذلك أن الصائم فيه قد لا يخلو من اللغو واللهو والكلام مما لا فائدة فيه ونحو ذلك، فتكون صدقة الفطر هذه تطهيراً للصائم مما وقع فيه من هذه الألفاظ المحرمة أو المستكرهة، التي تنقص ثواب الصيام. حيث يجبر الله بزكاة الفطر ذلك النقص أو التفريط أو التقصير؛ ليجزي الصائم علي صومه عظيم الجزاء….
عن عبدالله بن عباس رضي الله عنهما قال :
“فرض رسول الله ﷺ زكاة الفطر طهرة للصائم من اللغو والرفث، وطعمة للمساكين، من أداها قبل الصلاة فهي زكاة مقبولة، ومن أداها بعد الصلاة فهي صدقة من الصدقات”.
– رواه أبو داود.

• على من فرضت؟ – وما مقدارها؟ – وما وقت إخراجها؟
عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ:
” فَرَضَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ زَكَاةَ الْفِطْرِ صَاعًا مِنْ تَمْرٍ أَوْ صَاعًا مِنْ شَعِيرٍ عَلَى الْعَبْدِ وَالْحُرِّ وَالذَّكَرِ وَالْأُنْثَى وَالصَّغِيرِ وَالْكَبِيرِ مِنَ الْمُسْلِمِينَ وَأَمَرَ بِهَا أَنْ تُؤَدَّى قَبْلَ خُرُوجِ النَّاس إِلَى الصَّلَاة “. – متفق عليه.

– فتجب زكاة الفطر ..
على كل مسلم كبير وصغير، وذكر وأنثى، وحر وعبد؛ ويجب أن يُخرجها المسلم عن نفسه، وعمن تلزمه نفقته، من زوجة أو قريب، ويستحب إخراجها عن الجنين.

– وتجب زكاة الفطر ..
بغروب شمس آخر يوم من رمضان، وأول ليلة من شوال (ليلة عيد الفطر)، ولا بأس أن تخرج قبل العيد بيوم أو يومين، ويجوز إخراجها طوال أيام وليالي شهر رمضان مراعاة لظروف الفقراء والمساكين …

• والقصد من زكاة الفطر كذلك ..
التوسعة على الفقراء والمساكين، والمحتاجين والمعوزين، وإغناؤهم يوم العيد عن السؤال الذي فيه ذل وهوان في يوم العيد الذي هو فرح وسرور؛ ليشاركوا بقية الناس فرحتهم بالعيد، ولهذا ورد في بعض الأحاديث:
” أغنوهم عن السؤال في هذا اليوم “.

• والمقدار الواجب في زكاة الفطر ..
الواجب في زكاة الفطر صاع من غالب قوت، أهل البلد والصاع اربعة امداد، كل مد ملء كفي الرجل المتوسط اليدين، وهو ما يعادل 2,5 كيلو جرام…..

ويجوز إخراجُهَا نقدا على مذهب أبي حنيفة النعمان رضي الله عنه …
وقد تم تحديد مقدارها نقدًا من دار الإفتاء المصرية لهذه السنة في مبلغ (15) جنيها كحد أدنى، فمن تطوع خيرا بالزيادة على ذلك فهو خير له وأعظم أجرا …

• الدعاء ..
————-

زر الذهاب إلى الأعلى