مقالات

ويبقى الأزهر

بقلم الدكتورة مفيدة ابراهيم على عميدة كلية الدراسات الإسلامية والعربية

ينقله لكم ناصف ناصف
لم يكن الأزهر الشريف مجرد جامع و جامعة.. بل كان شمسًا تدور فى فلكها رحلة الفقه والعلم والثقافة والعقل حاملةً ضياءه إلى البلاد القاحلة، والأقطار الجاهلة، كما كان حارسًا لقيم الدين والدنيا بما يُنجب من العلماء الذين يمثلون بورعهم واستغنائهم وأخلاقهم وشجاعتهم أسمى خصائص القدوة الصالحة والأسوة الحسنة.
كانت هذه الكلمات الخالدة للمفكر الإسلامى الكبير “خالد محمد خالد” عن الأزهر الشريف.
وعلى نهجه الكريم وجدتنى أسيرُ لأُذكِّر نفسى وأمتنا الكريمة متحدثةً عن الأزهر الشريف: التاريخ التليد، والدور المجيد لشيوخه الأماجد جيلًا بعد جيل ..إن تاريخ الأزهر هو تاريخ الثقافة الإسلامية، والمعرفة الإنسانية منذ القرن الرابع الهجري إلى يومنا هذا وإلى ما شاء الله. وإذا كانت مصر قد وضعتها الأقدار في مركز اتصال بين قارات العالم، فإنها تمثل لهذا العالم المنارة التي ترسل أشعتها الثقافية والحضارية إلى شتى أنحائه، ولا سيما من خلال الأزهر الذي نهض – ولا يزال – بدور رائع عظيم الأثر في الفكر الإسلامي، بل الفكر الإنساني قديمًا وحديثًا، يفتح للدين والدنيا رحابه، ويرسل إلى كل مكان دُعاته ..
وقد ثبت الأزهر منذ أكثر من ألف سنة يحمى العالم الإسلامي من الانهيار أمام كل حملات الغير من جحافل التتار، الصليبيين، وكل المستعمرين .. وقد انفرد الأزهر عن كل جامعات العالم بخصائص لم تتيسر لغيره من ميزات تربوية، ومعرفية تجمع بين علوم الدين والدنيا من أجل أن ينعم الإنسان بخير الحياتين في الدنيا والآخرة، وغرس ذلك النهج القويم في وجدان وعقول طلابه الأفذاذ، وذلك من خلال ما يبذله علماؤه من جهود في سبيل نشر حضارة الإسلام والمحافظة على تراثه المجيد رغم ما يواجهونه من أزمات ومعوقات على مختلف المستويات من حين إلى حين في سبيل استمرار مسيرته المباركة الخالدة ..
وقد ظل الأزهر – وسيظل – يؤدي رسالته على أكمل وجه، ويقوم بأجل الخدمات للعالم الإسلامي والإنساني بفضل الله، ثم شيخه الورع التقي النقي فضيلة الدكتور/ الطيب والمخلصين أمثاله، وبدعم حكيم وحميد لقيادتنا السياسية الرشيدة , فخامة رئيس الجمهورية عبد الفتاح السيسي .
ويُعدُّ فضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد محمد الطيب شخصية فريدة وجليلة بكل ما تحمله الكلمة من أمانة ومعانٍ ؛ حيث تجمع شخصيته بين الباحث، والأستاذ الأكاديمي، ورجل الدين العالم المستقيم. كما تجمع شخصيته بين العالم المسلم الورع الذي يمثل وسطية الإسلام البعيدة عن الغلوّ، والداعية إلى ثقافة التسامح، والحوار، والدفاع عن المجتمع المدني.
وقد تجلَّت أبعاد هذه الشخصية الجليلة من خلال مواقفه التي برزت في دعواته المتكررة لنبذ الفرقة والعنف، والاحتكام إلى العقل مع النقل، والحفاظ على هوية المجتمع وتماسكه.
إن الدكتور الطيب يجمع بين العالم الثبت، والداعية المستنير الذي يقدم الفكر الإسلامي بصورة تُلبِّى متطلبات الروح، من غير أن يخل بالجانب المادي سواء على مستوى متطلبات النفس البشرية، أو على مستوى العطاء الحضاري للإنسانية.
إن شخصية فضيلة الإمام المتفردة مؤمنة كل الإيمان برسالة الأزهر وجلالها، وهو واعٍ وراعٍ تمام الوعي والرعاية لكل من يساهم ويساعد في نشر هذه الرسالة في كافة ربوع الأرض من أجل الحق، والعدل، والخير، ومكارم الإنسان مهما كان دينه أو جنسه أو لونه.
هذا غيض من فيض عن شخصية شيخ الأزهر الإمام الزاهد المتقشف الذي يؤدي عمله في خدمة الإسلام السمح، ووطنه الأبي، وأمته الكريمة، والإنسانية العميمة ..
وهكذا تكون الإمامة تحقيقًا للدعوة العظيمة لقوله تعالى :”وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا” الفرقان- 74.وهكذا يبقى الأزهر إن شاء الله.

زر الذهاب إلى الأعلى