تحقيقاتثقافةدنيا ودينمقالات

قـــراءة في فـقـــه الصلاة 4

كتب / علاء الحمزاوى

ــ شروط صحة الصلاة خمسة: أحدها: الطهارة من الحدث والنجس، فقد ثبت أن “الله لا يقبل صلاة بغير طهور”، وقد سبق الحديث عن الطهارة تفصيلا.

ــ ثانيها: النيــــة، فكل عمل المسلم متوقف على نيته ولاسيما العبادات، بل لا تصلح العبادات بغير النية، فإذا دخل المسلم في الصلاة ولم ينوِ أيَّ صلاة يصلي فلا تصحُّ صلاته لقول النبي: “إنما الأعمال بالنيات”، أي أن الله يؤجر العبد على عمله الصالح إذا احتسبه لله، ولا يعاقب المذنب على ذنبه إلا إذا قصد فعله، وإذا نوى المرء خيرا ولم بفعله أثيب بنيته، فقد صـحَّ أن “مَن هَمَّ بحَسَنَةٍ فَلَمْ يَعْمَلْها كُتِبَتْ له حَسَنَةً، ومَن هَمَّ بحَسَنَةٍ فَعَمِلَها كُتِبَتْ له عَشْرًا إلى سَبْعِ مِئَةِ ضِعْفٍ، ومَن هَمَّ بسَيِّئَةٍ فَلَمْ يَعْمَلْها لَمْ تُكْتَبْ، وإنْ عَمِلَها كُتِبَتْ”؛ لذا ورد في حديث ضعيف أن “نية المرء خير من عمله” أي عمله الصالح، لكن معناه صحيح يقويه حديث “من سأل الله الشهادة بصدق بلَّغه الله منازل الشهداء، وإن مات على فراشه”، ويشترط في العمل الصالح إخلاص النية لله، ويفسده الرياء، فقد سئل النبي: “أرأيت رجلا غـــزا يلتمس الأجْـرَ والذِّكْرَ ما له؟ (الذكر: الشهرة)، فقال النبي: لا شيء له، فأعادها السائل ثلاثا، والنبي يقول: لا شيء له، ثم قال: ألا إن الله لا يقبل من العمل إلا ما كان خالصا وابتُغِيَ به وجْهُه”، والنية محلها القلب، ولا حرج في التلفظ بها قياسا على الجهر بالتلبية في الحج والعمرة.

ــ ثالثها: دخول الوقت، فيجب دخول الوقت لصحة الصلاة؛ لأن كل فرض له توقيت معين يبدأ به وينتهي به، قال تعالى: {إن الصلاة كانت على المؤمنين كتابا موقوتا} أي فرضا محددا بتوقيت، ويُستثنَى من ذلك حالة الجمع، حيث يشترط دخول وقت الفرض الأول منهما في جمع التقديم، والجمع يكون بين الظهر والعصر وبين المغرب والعشاء، فقد جمع النبي بين الظهر والعصر في وقت الظهر بعرفة، وجمع بين المغرب والعشاء في وقت العشاء بمزدلفة، و”كان النبي إذا ارتحل قبل أن تزول الشمس أخّـر الظهر إلى وقت العصر وجمع بينهما، وإذا زالت قبل أن يرتحل صلى الظهر والعصر ثم ركب”، وفي رواية “صلى الظهر ثم ركب”، وهذا يعني جواز الجمع دون قصر للمسافر قبل الخروج من بلده، ويشترط ألا يكون السفر في معصية، فلا رخصة مع المعصية، ويجوز الجمع للمقيم في حالات المشقة كالخوف والبرد والمطر والمرض؛ لأن المشقة تجلب التيسير، بل صحَّ أن النبي جمع بين الظهر والعصر وبين المغرب والعشاء في غير سفر ولا خوف ولا مطر، ولما سئل: لماذا فعلتَ هذا يا رسول الله؟ قال: أردتُ ألا أحرِجَ الأُمَّــة” أي أردت ألا أشــقَّ على أُمَّتي، بل أردتُ التوسعة واليسر في الأمر إعمالا لقوله تعالى: {فاتقوا الله ما استطعتم}.

ــ رابعها: ستر العـورة، والعـورة هي ما يقبح ظهوره من الإنسان، وعـورة الرجل ما بين السرة والركبة، وعـورة المرأة جميع جسدها ماعدا الوجه والكفين، أما القدمان ففيهما خلاف بين العلماء، وصلاة المرأة صحيحة مع كشف قدميها، لكن يُستحَبّ سترهما إذا صلت في المسجد، كما يُستحَبّ للمؤمن أن يلبس أفضل ما لديه في صلاته استجابة لقوله تعالى: {خُذُوا زِينَتَكُمْ عِندَ كُلِّ مَسْجِدٍ}، والله جميل يحب الجمال.

ــ خامسها: استقبال القبلة، وقد أجمع العلماء على أن استقبال القبلة شرط لصحة الصلاة ولاسيما الفريضة، فيجب على المسلم أن يتحرى القبلة جيدا قبل الصلاة إعمالا لقوله تعالى: {فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَحَيْثُ مَا كُنتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ}، والمقصود باستقبال المصلي للقبلة استقبال صدره، أما استقبال وجهه فهو سُنّة، وإذا صلى إنسان ثم تبين له أنه خالف القبلة فإن كان قد اجتهد في ذلك فلا يعيد، وإن لم يجتهد فعليه الإعادة، وفي كل الأحوال لا يعيد النوافل؛ حيث يجوز في التنفل الانحراف عن القبلة لعذر، فقد كان النبي يتنفل على ناقته أينما اتجهت، ويُحمَل على الناقة وسائل النقل الحديثة كالسيارة والقطار والطائرة والباخرة، وللحديث بقية.

زر الذهاب إلى الأعلى