مقالات

إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ”

المقال الاسبوعى للأستاذة الدكتورة مفيدة ابراهيم على عميدة كليات الدراسات الإسلامية والعربية

متابعة ناصف تاصف
يعد لين الكلام والتلطف فيه من أهم الأمور التي تعمل على إثراء الحياة الأسرية وإشاعة الحب والمودة والدفء بين أفرادها، ومن الواجب على كل فرد من أفرادها -سواءً أكان الزوج أو الزوجة أو الأبناء- أن يحنوا على بعضهم البعض ,وخير ما يتصدق به الزوج على زوجته (الكلمة الطيبة) إن الزوجة لها طبيعة نفسية خاصة ولها تفاصيل رائعة، طبيعة مفعمة بالرقة والأنوثة تجعلها تتأثر باللفظ الجميل والأسلوب الجذاب، ولذلك فاللفظ الرقيق الجميل من الزوج لزوجته عبارة عن دفقة حب ونبضة إخلاص وقطرة حنان، ولو أتقن الزوج كلامه مع زوجته لاكتسب قلبها دائما وأبدا ، وعلى الزوج حتى يتقن هذا الفن أن يدللها ويسمعها الكلام الطيب ويمدح شخصها ومظهرها، ويذكر دوما صفاتها الحسنة، فالمرأة إذا أحست بحنان وحب زوجها واحترامه لها، وهبته كل ما تملك، ووفرت له كل سبل السعادة، وكان عليه الصلاة والسلام يتحين الفرص لإظهار المودة والمحبة لزوجاته، وفي هذا تقول أمنا عائشة رضي الله عنها: إن النبي -صلى الله عليه وسلم- قبّل امرأة من نسائه ثم خرج إلى الصلاة ولم يتوضأ! , الزوجة قضيتها فقط أنها تريد أن تشعر بأنها تشكل قيمة عاطفية في حياة زوجها، وأنها تحتل مكانة في قلبه وأحاسيسه، فياليتك عزيزي -الزوج- مرنا حنونا، ولا تستهن بشكواها، فهي تبحث حتى عن مجرد التأييد العاطفي والمعنوي. وامنحها الثقة، فإن هذا يشعرها بأنها ملكة متوجة ولقد بَيَّن الله في كتابه الكريم فضل الكلمة الطيبة في قوله : “أَلَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ اللّهُ مَثَلاً كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاء…” إبراهيم24
فالكلمة الطيبة شعار لقائلها ودليل على طيبه، تحول العدو إلى صديق باذن الله، وتقلب الضغائن التي في القلوب إلى محبة ومودة تثمر عملا صالحا في كل وقت باذن الله تصعد إلى السماء فتفتح لها ابواب السماء، وتقبل باذن الله، انها من هداية الله وفضله للعبد ثوابها ثواب الصدقة، تطيب قلوب الآخرين، وتمسح دموع المحزونين، وتصلح بين المتباعدين لقوله تعالى: “إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ” فاطر -10 , والرسول الكريم يوما ما كان يجلس مع رجل من أصحابه فمر رجل آخر، فقال الرجل الذي يجلس مع النبي: إني أحب هذا الرجل؛ فقال له نبينا معلما ومبينا السلوك الواجب: “أخبرته بذلك؟” قال: لا، قال: “قم فأخبره” فقام الرجل في الحال، وقال: إني أحبك في الله، فقال: أحبك الله الذي أحببتني فيه. من أحق بهذا الأمر من الزوج لزوجته والزوجة لزوجها؟ إن نبينا كان يفعل ذلك مع زوجاته، كان نبينا يفصح بالقول والفعل عن حبه لزوجاته، بل لم يسمع التاريخ عن أجمل وأعظم قصة حب، كالتي بين النبي وعائشة، كل ذلك ليعلم أمته كيف تكون العلاقة بين الزوجين، كيف تدوم المودة والرحمة، كيف تحتاج المرأة لملاطفة الرجل، لملاعبة الرجل، إلى حسن الكلام مع المرأة وفي حسن معاملتها ولا يحرمها زوجها مما يملك، (قل لها كلمة تسعدها ولا تتردد لأن الكلمة الطيبة صدقة ).
أ .د / مفيدة إبراهيم علي – عميد كليات الدراسات الإسلامية والعربية

زر الذهاب إلى الأعلى