عاجل

وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ

المقال الاسبوعى للأستاذة الدكتورة مفيدة ابراهيم على عميدة كليات الدراسات الإسلامية والعربية

 

 

متابعة ناصف ناصف

الدعوة إلى سبيل الله بالحكمة والموعظة الحسنة لا تكون بالجدال حيث إن الجدال الفاقد للمصداقية غالبا يتضمن أخطاء جسيمة في أسلوب محاورة الآخرمهما كان الاختلاف في الرأي قليلا أو كثيرا، فنجانب في ذلك أدب الحوار و هذا الموضوع ليس بموعظة أخلاقية تحلق في آفاق المثال بل هو من الأهمية لم فيه من حاجة ثقافية، وسياسية، ووطنية ودينية وأخلاقية ضرورية غاية الضرورة. أن الاختلاف في الرأي أمر طبيعي جدا فكل شخص يمتلك وجهة نظر تختلف عن باقي الأشخاص , والاختلاف شيء ايجابي يساعد على الحوار والخروج بأفضل النتائج ,ولكن في الوقت الحالي تحول الحوار إلى جدل وأصبح الشخص الذي يحمل وجهة نظر مختلفة غير مرغوب فيه وأصبحت العقول المتحجرة غير قابلة لتغير بعض المفاهيم والنظريات فالمجتمع أصبح خالي من أصحاب العقول المرنة التي تتفهم الأمو ر ،وللتغلب على تلك المشكلة لابد من التعرف على آداب الحوار مع الآخرين والتي يجب الالتزام بها وألا نجعل التنوع الذي خلقنا الله فيه، سبباً للشقاق والخصام والتنازع، بل من الممكن أن يكون سبباً للتكامل والتعاون ، ولكنها تحتاج إلى جمع وتدوين، لتكون بمثابة لائحة قانونية أو وثيقة أخلاقية وثقافية وعقلانية للحوار. وعليك بالفكرة والحجة والدليل أو حتى بالأسلوب الأخلاقي الموضوعي حتى لو لم تكن متفقا مع الآخر على النتائج. ولا تحاور بعقل جمعي، حزبيا كان أو طائفيا، أو من أي نوع آخر، بل حاور بعقلك أنت، وكن مستقلا في تفكيرك– حسب ما وصلت إليه من قناعات – تستحق الأساليب الأخلاقية والحضارية والعقلانية الهادئة في الحوار، فمارس تلك الأخلاق، من خلال أنك أنت أهل لأن تتخلق بها، وباعتبار أنها تخدم فكرتك التي تؤمن بها، ، وباعتبار تأثيرها الإيجابي في الآخرين، لكون التثقيف على ثقافة وأدب الحوار الحضاري تستحق منك ومننا جميعا تلك المجاهدة للانفعالات.-ويجب أن نحترم الموقف الخاطئ من وجهة نظرنا رغم الاختلاف مع صاحبه فيه، ولا يجوز أن تكون تهمة التخوين، أو الانحراف الديني أو الفكري أو السياسي، أو تهمة السذاجة وعدم الفهم والوعي السياسي حاضرة، لمجرد أنني لا أتفق مع صاحب الموقف. وذلك لقوله تعالى ” ادْعُ إِلِى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَن ضَلَّ عَن سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ” وفي هذه الآية الكريمة يأمر الله تعالى نبيّه محمّد – صلّى الله عليه وسلّم- بأن يدعو النّاس إلى الله تعالى بـ”الحكمة”، أي بما أنزّله الله تعالى على رسولنا الكريم من القرآن الكريم، وبما أوحاه الله تعالى إليه من السّنّة الشّريفة، وبـ”الموعظة الحسنة” أي: بما في القرآن الكريم من التّرغيب والتّرهيب، والجزاء والعذاب؛ ليحذروا عقاب الله تعالى، وقوله: “وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ”، أيّ: وناظر من يحتاج منهم إلى مناظرتك بلين ورفق، وبشاشة وجه وحسن خطاب.وهذه أسمى معاني الخلق العالي والأدب عند دعوة الآخر للحوار لا الجدال.      

          

   

زر الذهاب إلى الأعلى