عاجل

نعمة الثقــة

دكتور/ عبدالرحمن موسى

للأسف الأيام دي ‏تلوثت العلاقات بثاني أكسيد المصالح، وتناثرت في الهواء فيروسات الكلام الجارح، وتقاسيم الوجه الكالح، وسوس الفكر السارح، وقلًّ أمامنا سمت الصالح، وكثُرت صفات الطالح، إلا من رحم ربي.

مما سبب ذلك ثُقباً في معايير الثقة، وترسيباً في جزيئات النذالة، واختلالاً في ميزان العدالة، وتفاعلاً لأيونات الفرفشة، وزيادة في حركات الخُبث والغلوشة، وذرّات الهبل ومصطلحات الدروشة.
فأصبحت العلاقات متوترةً متحجرةً متبلدةً وسريعة الإشتعال كغاز الميثان.

أصبحنا مش عارفين نثق في مين ونحكي ونفضفض لمين، بقينا عايشين في متاهة وكُله بيتكلم على كُله.
فعلاً الأمر أصبح مُخيف والناس كُلها عندها قِلة ثقة في غيرها.
عشان كده حقيقي إللي يلاقي شخص يستند عليه في الزمن ده يبقى نعمة، ولازم يمسك فيه بإيده وأسنانه لأنه كنز عظيم.

الثِّقَة دي حاجة لا يعرف قيمتها إلا من اكتنز منها، وتشبَّع من هوائها، واستنشق عبيرها.
الثقة إني أَغِيبَ عَنكَ وكلي يَقِينٌ بِأَنَّكَ لَن تخذلُنِي حَتَّى لَو حيزت لك الدنيا بأسرها .
الثقة إنك تكون صادق مش بس في أفعالك وكلامك لكن كمان في مشاعرك وأحاسيسك وحضورك وغيابك.
الثقة إن كلامك عندي مش بس غير قابل للكذب كمان غير قابل للتأويل.
الثقة إني أأتمنك على أسراري وما تخونها حتى لو اختلفنا مع بعض.
الثقة إني أكلمك كأني بكلم نفسي من غير تذويق ولا تجميل .
الثقة دي حاجة تريّح القلب وتمنع وساوس الشيطان.
الثقة دي أمان وراحة واستقرار وأجمل ما فيها إنها تتغلف بالحب وتتزين بالعشق وتتعطر بالود والرحمة.
و‏فقدان الثقه كتَمزيق ورقة هامّة مرسلةٌ للعامة، فُرِمَت في فرّامة الحياة، وديست بأحذية البغاة، ثم طُلبِ منهم لصقها واخفاء جرحها فلصقوها وما كادوا يفعلون، وابتسموا لنا وهم يمكرون، وأخفوا ملامحها وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا ويصنعون حسنا.
عشان كده بقول الثقة كعملية إستمطار للمشاعر، والصعود بها لأرقى البواخر، لنشم فيها ريح العود الفاخر، ونحفِّز بها الخواطر
ونرتشف منها ندي الحب الذي تزيد به الأواصر عن طريق تحفيز هرمونات السعادة وطرد ثاني أكسيد النكد .
وقانا الله وإياكم وحفظنا وإياكم من كل سوء ،،،

زر الذهاب إلى الأعلى