مقالات

مَّا فَرَّطْنَا فِي الكِتَابِ مِن شَيْءٍ”

المقال الاسبوعى للأستاذة الدكتورة مفيدة ابراهيم على

 

المقال الاسبوعى للأستاذة الدكتورة مفيدة ابراهيم على عميدة كلية الدراسات الإسلامية والعربية
نقلها لكم ناصف ناصف
من فضل الله تعالى على أمة الإسلام أن دينها الكريم يمتاز بشمول أحكامه لكافة جوانب الحياة المختلفة، كما قال تعالى: ” الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا ” المائدة-5، وقال سبحانه: ” مَّا فَرَّطْنَا فِي الكِتَابِ مِن شَيْءٍ ” الأنعام- 38.
و مع هذا الشمول يتحلى بكون أحكامه المباركة تجمع بين المثالية والواقعية؛ إذ تتسم بكونها خير الأحكام وأشرفها وبكونها يسيرة الامتثال سهلة التطبيق في آن واحد.
ولعل من أهم جوانب الحياة التي يتجلى فيها الأمر بجلاء، قضية: (الترويح عن النفس)، والتي أصبحت إحدى القضايا الحاضرة في عالمنا المعاصر، حتى شغلت في الجملة: الشيب قبل الشباب، وأبناء الريف قبل المدن، وتجاوزت حدود الفرد والأسرة إلى الدول والمجتمعات،
ويقول الرسول صلى الله عليه وسلم : فيما معناه ( روحوا عن أنفسكم ساعه بعد ساعه فان القلوب اذا كلت عميت)، وقد كشفت الدراسات النفسيه صحه كلام رسولنا الكريم لأن الاستمرار فى العمل ونمط واحد ومحدد ونظام واحد لفترات طويلة يؤدى الى الملل والرتابة والكآبة والاكتئاب مما يودى إلى الاحباط .اذا مطلوب اجازه لتحافظ على نشاط الذهن والصحه النفسية التى هى أساس جودة الحياة . إذا السعادة هى التغير والتنوع لأن وقوف الماء يفسده , والترويح في اللغة مأخوذ من مادة (روح)، والتي تدور حول معاني: السعة، والفسحة، والانبساط، وإزالة التعب والمشقة، وإدخال السرور على النفس، والانتقال من حال إلى آخر أكثر تشويقاً .
ومن الاصطلاح : (الترويح هو طريق للحياة الإنسانية، يتحقق بأداء أنشطة بدنية أو فنية أو عقلية تغاير نوع العمل، ويتم وفق الرغبة الحرة وتحقيق النفع الشخصي أو العام، في إطار الضوابط الخلقية والاجتماعية المنبثقة من الدين والعرف مع إدخال السرور على النفس، وتجديد نشاطها بوسائل الترفيه المباحة) , وتتجلى أهمية الترويح عن النفس في الجانب البناء من النشاط المحبب إلى النفس في ظل أحكام الشريعة الإسلامية الذي يضم جميع نشاطات الفرد العقلية والوجدانية والبدنية، في سبيل تربية الفرد المسلم بما يوافق الدين والتقاليد الإسلامية بغرض تحقيق التوازن والسعادة للنفس الإنسانية، في ضوء القيم والتعاليم الإسلامية لكي يبتعد الإنسان عن الكلل والملل، ويعاود المسير براحة وطمأنينة . و الترويح الهادف أحد أهم متطلبات هذا الوقت؛ لما له من تأثير واضح وقدرة فائقة على الحد من السلبيات الناجمة عن. شيوع التوتر والقلق في عصرنا “عصر التقنية “الناجم عنه عدد كبير من الأمراض النفسية الخطيرة، والمشكلات الاجتماعية المتشعبة.
والترويح هو جانب من المحيا والممات في حياة المسلم، وبالتالي فالعبد مطالب بأن يجعل منه ﴿ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ لَا شَرِيكَ لَهُ ﴾، وذلك حين ينوي به خيراً، ويتخذه وسيلة لعمل صالح يثاب عليه، ويفارقه حين يكون عملاً فاسداً قررت الشريعة النهي عنه،
والترويح منضبط بضوابط الدين محتكم بأحكامه، وهذا هو الجانب الثابت فيه، وما سوى ذلك فللإنسان أن يبدع فيه ويجدد بحسب ما يشاء ما دام منضبطاً بحدود إطار الجانب الثابت.
أ .د /مفيدة إبراهيم علي – عميد كليات الدراسات الإسلامية والعربية

زر الذهاب إلى الأعلى