تكريم

شخصية تستحق التقدير بمديرية الشؤون الصحية بالبحيرة ضمن مبادرة أنت استثنائي

كتب / سمير أبو السعود

شخصية اليوم المضيئة
الدكتورة نورا محمد زكي أخصائي أمراض باطنة بمستشفى النوبارية

عندما جاءتنى رسالة على صفحة المديرية من الأستاذة سماح عبد الرازق أخصائية التمريض بمستشفى النوبارية ، تستفسر فيها عن الشروط اللازمة لنشر قصة لشخص مميز فى انت استثنائي ، توقعت أنها تسأل شيئًا لنفسها ، ولم يخطر ببالى لحظة واحدة أنها تسأل لغيرها ، وتريد أن نكتب عن كفاح إنسانة عزيزة على قلبها ، دون أن تطلب منها ذلك ، بل حبًا فى شخصها وقلبها الطيب وانسانيتها التى بلا حدود ، على حد وصف الأستاذة سماح .

واستفسرت منها عن الشخصية التى تريدنا أن نكتب عنها ، ووجدتها فعلا شخصية تستحق الإشادة ، وتلزم منا أن نبرز أدوارها البطولية وقصة كفاحها .

فبدايةً كل الشكر والتحية والتقدير لمس سماح عبدالرازق التى أهدت لنا هذه الشخصية لنكتب عنها ، فهى حقًا شخصية بطولية وتستحق أن تكون ضمن شخصيات انت استثنائي .

بطلة اليوم هى الدكتورة نورا زكي ، من المحلة الكبرى وتعيش مع زوجها المهندس بمدينة النوبارية وتعمل بمستشفى النوبارية ، وهى أم لثلاثة أطفال ، أكبرهم أحمد ٦ سنوات وأدم ٤ ونصف وأصغرهم نورا ٣ سنوات ، اشتهرت بين زملائها بحبها للعمل واخلاصها له وتفانيها فيه ، وعطفها على المرضى ، الذين يحبونها كل الحب من معاملاتها الطيبة معهم ، ومساعدتها لهم ، فلم تتأخر يومًا عن أحد طلب منها المساعدة .

ورغم غربتها بعيدًا عن أهلها ، إلا انها تحس أن جميع من حولها هم أهلها ، وعوضًا عنهم ، ولا تشعر بفقدان الأهل فى وجودهم ومادامت معهم وقريبة منهم .

يشاء الله أن تشعر بتعب شديد وآلام مبرحة ، فسلكت طريق الفحوصات المختلفة من التحاليل والأشعة التى يطلبها منها الأطباء الذين تذهب اليهم ، وهنا كانت الصدمة الكبرى ، التى صارحها بها الأطباء ، فهى تعاني من ورم خبيث بالفقرات العنقية ، واكتشفت ذلك منذ ديسمبر ٢٠١٨ ، وعاشت نورا أوقاتًا عصيبة ، وهى تفكر فى حالها ، وحال زوجها وأولادها ، وما مصيرهم بعدها ، فهل ستكون تلك هى النهاية مع هذا المرض الذى لا يرحم ؟؟ … فهى طبيبة وتعلم جيدًا ماذا وراءه ، وماذا يفعل بالجسد ، وكيف يسبب من آلام ، وكيف وكيف ….؟؟؟
أسئلة حيرى تدور بذهنها وتشغل بالها ليل نهار ، فكان التفكير فيما سيؤول اليه مصيرها ، أكبر همًّا وحَزَنًا مما أصابها .

لكن ايمانها بالله كان أقوى من كل شئ ، وحصنًا منيعًا لكل الوساوس التى تنتابها ، ووجدت ضالتها فى قراءة القرآن الكريم ، الذى منحها قوة ليس لها حدود ، مع قراءتها لمؤلفات الراحل أحمد خالد توفيق ، الذى وجدت فى كتاباته ما يمنحها الأمل ، مع ما وجدته من الدعم الخالص من زوجها وجميع أحبائها ….فسلكت طريق العلاج ، وقامت بإجراء عملية جراحية لإزالة الورم فى فبراير ٢٠١٩ ثم اتبعتها بعملية أخرى فى أغسطس ٢٠٢٠ … وبين تلك العمليتين أخذت جلسات كيماوي واشعاعي ، وعانت أشد المعاناة من تلك الجلسات العلاجية ، ورغم كل ذلك رفضت أنها تأخذ أجازة مرضية ، رغم أن القانون يكفل لها ذلك لضعف جهاز المناعة لديها .

وفى تلك الأثناء ظهرت الكورونا ، ونادى نادي الجهاد على جميع جنود الجيش الأبيض ، وكانت نورا من أوائل من لبُّوا النداء رغم مرضها ومعاناتها مع المرض الذى لا يرحم ، وقامت بالدخول لمرضَى العزل ، وكانت تتناول جرعات الكيماوي .

وتترك صغارها مع زوجها لرعايتهم حتى ترجع اليهم ، وكان الجميع يطالبها بالإعتذار عن العزل ، نظرًا لظروفها الصحية ومناعتها المنعدمة ، لكنها كانت ترفض وتأبى أن تترك المرضى ، ولسان حالها يقول لهم ( مادمت بعرف أمشى على رجليا ، يبقى ربنا رايدلى أخدم الناس ديا ، لعل دعوه بالخير من حد فيهم تصيبنى ويعفو ربنا عليا )
ويشاء القدر أن تصاب نورا بالكورونا ويتم حجزها بالمستشفى في المحلة الكبري ، وعانت اشد المعاناة وهى فى العزل من شدة المرض واعراضه التى انهكتها بجانب المرض الأخر الذى يحاصر جسدها ، واذ بالمولى الرحيم يمن عليها بالشفاء رغم خطورة حالتها ، وانهت فترة العزل فى المحله ، واذا بها ترجع لتطبب وتداوي المرضي بقسم العزل مرة ثانية بالنوبارية .

رغم كل النصائح لها بالإبتعاد ، لمناعتها الضعيفة، إلا انها كانت ترفض وتقول للجميع ، ربنا هو الشافي المعافي .

وضربت نورا أروع وأبهى الأمثلة فى التمسك بالأمل والإيمان بالله الرحمن الرحيم ، واذا بها تقوم بعمل مسح ذري فى شهر مايو الماضي ، واذ بالخبر المفرح الذى أسعدها وأسعد كل من حولها ، لقد اختفي الورم والحمد لله رب العالمين ….فصدق رب العزة سبحانه أذ قال : (وهل جزاء الإحسان إلاّ الإحسان ) صدق الله العظيم
لقد أحسنت نورا إلى كل مرضاها ، وكل من حولها ، ولكل من طلب منها المساعدة ، فكان جزاؤها الإحسان من رب السماوات والأرض ، وما أجمله من احسان ، عندما يكون متعلق بالصحة التى هى أعز ما يملك البشر ،

فكم أنت عظيمٌ يا الله ، وكم أنت رعايتك لعبيدك ليس لها حدود ، وكم من نعمة انعمت بها على عبادك الضعفاء … فنسألك جميعًا يا الله أن تمن على نورا بالشفاء الكامل وترزقها العافية ، وأن تبارك فى أولادها وتحفظهم لها يارب العالمين .

ومرة أخرى أكرر الشكر لمس سماح عبد الرازق وجزاها الله كل خير .

زر الذهاب إلى الأعلى