مقالات

ثُمَّ لْيَقْضُوا تَفَثَهُمْ وَلْيُوفُوا نُذُورَهُمْ وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ”

 

بقلم اد. مفيدة إبراهيم علي

والمقصود بقوله تعالى: ليقضوا تفثهم هو الوقوف بعرفة والمزدلفة. وقد استعمل النبي صلى الله عليه وسلم ذات الكلمة (التفث) للوقوف بعرفة. وعرفة هو اليوم التاسع من شهر ذي الحجة، الشهر الثاني عشر والأخير في التقويم الإسلامي. يحدث في اليوم الثاني من الحج إلى مكة المكرمة. وأن المسلمين ملزمون بأداء هذه الفريضة مرة واحدة على الأقل في حياتهم، لمن استطاع إليه سبيل. ويعتبر يوم عرفة، المسمى أيضًا يوم الوقف، مهمًا لأنه أقدس أيام السنة القمرية الإسلامية (تمامًا مثل ليلة القدر، ليلة نزول الوحي في رمضان أقدس ليلة في السنة الهجرية).

يوم عرفة هو اليوم المشهود الذي أكمل الله فيه الدّين وصيامه يكفّر آثام سنتين، وهو يومٌ عظيم يُعد من مفاخر الإسلام، وله فضائل عظيمة، لأنه يوم مغفرة الذنوب والتجاوز عنها، ويوم العتق من النار، ويوم المُباهاة.

وقد اتفق العلماء على فضل الصيام يوم عرفة وعلى استحباب الدعاء في هذا اليوم، مؤكدين أن صيامه فضل عظيم يترتب عليه مغفرة ذنوب سنة قبله وسنة بعده، وورد في السنة النبوية أن «صيام يوم عرفة احتسب علَى اللهِ أن يكفّر السنة الَّتي قبله، والسنة التي بعده». وفي فضل الدعاء يوم عرفة قال رسول الله: (خيرُ الدُعاءِ يوم عرفةَ وخير ما قلت أنا والنَبيون من قبلي: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كلِ شيءٍ قدير). وقال عليه الصلاة والسلام «أفضلُ الدعاء دعاء يومِ عرفةَ».

ويستحب يوم عرفة الإكثار من الأعمال الصالحة في هذا اليوم مثل صلاة النوافل والإكثار من الذكر، وقال رسول الله صلي الله عليه وسلم: (ما مِن أيام العمل الصالح فيهن أحبُّ إلى اللَّهِ مِن هذهِ الأيام العَشر فقالوا: يا رسول اللَّهِ ولا الجِهاد في سبيلِ اللَّهِ؟.. فقالَ ولا الجِهاد في سبيلِ اللَّهِ إلَّا رجل خرج نفسه وماله فلم يرجع من ذلك بشيء). وقال صلوات الله عليه وسلامه: (الحج عرفة) متفق عليه.

ومن فضل يوم عرفة أن الله يعتق فيه رقاب العباد من النارويغفر لهم الذنوب جميعا، قال رسول الله صلي الله عليه وسلّم «ما مِن يوم أكثر من أن يعتق الله فيه عبدًا أو أمةً من النار من يوم عرفة وأنه ليدنو، ثم يباهي بهم الملائكة»، وقال أيضا «ما رُئِي الشيطان يوما هو فيه أصغر، ولا أدحر، ولا أحقَر ولا أغيظ منه يومَ عرفة، وما ذاك إلَّا لِما يرى مِن تَنزّل الرحمةِ، وتجاوز اللهِ عنِ الذُنوبِ العِظام».

و يوم عرفة يلتقي الحجاج فيه، مع مراعاة قواعد الإحرام واللباس الرمزي، ويقفون أمام الله تعالى. من الظهر حتى غروب الشمس يرجون رحمته ومغفرته. ومن هذه الشعيرة أخذت عرفة اسمها الشائع الآخر يوم الوقف. ومشهده – بحر من الإنسانية التي لا يمكن تمييزها، أيادي ممدودة تتوسل ربهم لقبول توبتهم، وترجو عفوه، ومغفرته، ورحمته، ودخولهم جنته.

عميد كلية الدراسات الإسلامية والعربية

متابعة ناصف ناصف

 

زر الذهاب إلى الأعلى