عاجلمقالات

” إنا خلقناكم من ذكر وأنثى”

بقلم : د / مفيدة إبراهيم علي

عندما جاء الإسلام أعطى المرأة كامل حقوقها التي كانت قد سُلبت منها في الدِّيانات السابقة وفي معتقدات النّاس، سواءً من العرب أو غيرهم؛ إذ كانوا ينظرون إلى المرأة على أنّها مخلوقٌ من المرتبة الثّانية أو أقل من ذلك، وفــي تشريعــاته المتعلقــة بها كفل لها حقوقها ومنها ما يصونها ويحفظ عليها كرامتها في كل شأنها، وليس التحقير لها والحجر عليها تغليباً لجنس الرجل؛ كما يزعم ذلك من لا خلاق له من الناس، كما أوصى بالإحسان إلى المرأة، وحمايتها لا اهانتها ولا قتلها ولا التحرش بها .و المرأة نصف المجتمع. قال تعالى: “وأنّه خلق الزَّوجين الذَّكر والأنثى” النجم -045؛ فالمرأة في الإسلام شريكة الرَّجُل في عِمارة الكون، وشريكته في العبوديّة لله دون فرقٍ بينهما في عموم الدِّين: في التَّوحيد، والاعتقاد، وحقائق الإيمان، والثَّواب والعِقاب، وفي الحقوق والواجبات و تقوم بتربية النصف الثاني من المجتمع وهذا من تكريم الإسلام لها فهي أصلَ التَّربية القَويمة، ومَصنع الرِّجال والأبطال؛ فقد ربط الإسلام بين تَنشئة الأبطال والرِّجال الأفذاذ، وصلاح المجتمع، واستقامة حاله وبين المرأة؛ فصلاحها وعلمها واستقامتها مقياسٌ للأُمّة. وذلك لأدوارها المؤثرة في صناعة التاريخ الإسلامي بمنأى عن الرجل. فنرى المرأة صانعة سلام مع رسول الله صل الله عليه وسلم ونراها محاربة مع خالد بن الوليد حتى تعجب من مهارتها القتالية ودورها في الإفتاء بل وحفظ الميراث الإسلامي نفسه.وقد ساوى الله جل وعلا بين الذكر والأنثى في العمل والجزاء وجعل سبحانه وتعالى التقوى مقياس الجزاء , ويقول جل وعلا للبشر كافة” يا أيها الناس إنا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا “الحجرات- 13. والحياة لا تستقيم إلا بتكاتف الرجل والمرأة معاً في مودة ورحمة، لقوله تعالى :” وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً ” الروم -21 .أنَّ هذه الآية القرآنية، تتضمّن آيةً من آيات الله الكونيّة، وهي أنّه تعالى قد جعل الزَّواج سكناً، وجعل بين الزَّوجين مهما تباعدا في النَّسب مودةً ورحمة؛ وبالتالي فإنّ التّنازع والشِّقاق بين الزَّوجين، هو خلافُ الأصل، يحتمل ما دام أمراً عارضاً.. ولابد أن يعالج خلله إن تجاوز ذلك. إنَّ اليقينَ بهذه القاعدة، وجعْلَها الأساسَ والمنطلق للحياة الزوجيّة، يحدُّ بإذن الله من الخلافات بين الزَّوجين؛ لأنَّ كلَّ واحد منهما – عند حصول الشِّقاق – يعلم بأنه قد خرج عن الأصل الَّذي تُبنى عليه العلاقة الزوجية، فتتيسّر لهما العودة إلى هذا الأصل. كما جعل الله الغاية من خلق الناس هي (ليتعارفوا) فيما بينهم، والتعارف يقتضي التقارب، والتحاور، والمسامحة، ولطف المعاملة، كما سنّ القوانين التي تصون كرامة المرأة وتمنع استغلالها جسديا أو عقليا، ثم ترك لها الحرية في الخوض في مجالات الحياة , و الدِّين الإسلاميّ الحنيف بتوجيهاته السّديدة وإرشاداته الحميدة صان المرأة المسلمة، وحفظ لها شرَفَها وكرامتها، وتكفَّل بتحقيق عزِّها وسعادتِها، وهيَّأ لها أسباب العيش الهنيء بعيداً عن مواطن الريب والفتن، والشر والفساد، وهذا كلُّه من رحمة الله بعباده حيث أنزل شريعته ناصحةً للمرأة والرجل .

زر الذهاب إلى الأعلى