تحقيقاتتقاريرثقافةمقالات

المقال الاسبوعى للاستاذة الدكتورة مفيدة ابراهيم على عميدة كلية الدراسات الإسلامية والعربية

متابعه/ أحمد خميس

لا شك أن المسلم مطالب بالمداومة على الطاعات، والاستمرار في الحرص على تزكية النفس. ومن أجل هذه التزكية شُرعت العبادات والطاعات، وبقدر نصيب العبد من الطاعات تكون تزكيته لنفسه؛ لذا كان أهل الطاعات أرق قلوباً، وأكثر صلاحاً،والصوم من تلك العبادات التي تطهِّر القلوب من أدرانها، وتشفيها من أمراضها.. لذلك فإن شهر رمضان موسماً للمراجعة، وأيامه طهارة للقلوب.

وتلك فائدة عظيمة يجنيها الصائم من صومه، ليخرج من صومه بقلب جديد، وحالة أخرى , و من محبة رسول الله صلى الله عليه وسلم لأمته ورحمته بهم، وخوفه عليهم، فقد سنّ لهم بعض الأعمال؛ لتكون صمّام أمان للفروض والواجبات، ومن السنن التي حثنا النبي صلى الله عليه وسلم على فعلها: صيام ست من شوال، وقد دأب الناس منذ عهد النبي صلى الله عليه وسلم على صيام هذه النافلة تقرّباً لله، وطمعاً بما عنده من الثواب. . وصيام الستة من شوال بعد رمضان، فرصة من تلك الفرص الغالية، بحيث يقف الصائم على أعتاب طاعة أخرى، بعد أن فرغ من صيام رمضان.

وقالت العلماء إن صيام الست من شوال مستحب عند كثير من أهل العلم سلفًا وخلفًا، ويبدأ بعد يوم العيد مباشرة؛ لقول صلى الله عليه وآله وسلم: “مَنْ صَامَ رَمَضَانَ ثُمَّ أَتْبَعَهُ سِتًّا مِنْ شَوَّالٍ فَذَاكَ صِيَامُ الدَّهْرِ”، فإن صامها المسلم متتابعة من اليوم الثانى من شوال فقد أتى بالأفضل، وإن صامها مجتمعة أو متفرقة فى شوال فى غير هذه المدة كان آتيًا بأصل السنة ولا حرج عليه وله ثوابها.

وقد تفضل الله جل وعلا على هذه الأمة بأن جعلها خير أُمَّة أخرجت للناس وضاعف لها الأجور، فقال تعالى:”مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا وَمَنْ جَاءَ بِالسَّيِّئَةِ فَلا يُجْزَى إِلَّا مِثْلَهَا وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ”160- الأنعام، والأحاديث الواردة في صيام ست من شوال متفقه مع منطوق الآية , فقد خصّ النبي صلى الله عليه وسلم هذه الأيام بالصيام؛ لأن الصائم قد يحصل منه بعض التقصير في صيام رمضان، فيُجبر ما كان من نقص بصيامه لِسِتٍ من شوال، فهي بمثابة السنن الرواتب قبل الصلاة المفروضة وبعدها، تسد ما يحصل في الفرض من خلل أو نقص؛ فيتم جبره بالنوافل يوم القيامة، وهذا ما أخبر به النبي صلى الله عليه وسلم فيما صح من الأحاديث . وذهب بعض العلماء، إلى أنّ الصيام بعد صيام رمضان علامة على قبول صوم رمضان فإن الله إذا تقبل عمل عبد وفقه لعمل صالح بعده , وقد ثبت عن رسول الله عليه الصلاة والسلام أنه قال: من صام رمضان ثم أتبعه ستًا من شوال؛ كان كصيام الدهر، رواه مسلم في صحيحه، وهذا يدل على فضلها، وأن صيام الست مع رمضان كصيام الدهر، كأنه صام الدهر كله، وهذا فضل عظيم، فرمضان بعشرة أشهر، والست بشهرين، الحسنة بعشر أمثالها، فكأنه صام الدهر كله، مع أن الله بلطفه جل وعلا جعل رمضان كفارة لما بين الرمضانين، فالست فيها زيادة خير ومصلحة عظيمة ، ، والمؤمن يتحرى ما شرع الله، ويمتثل يطلب الثواب من الله، وهذا خير عظيم .

زر الذهاب إلى الأعلى