مقالات

تابوت لموت المؤقت

تابوت لموت المؤقت

 

متابعة : رضا علام

 

الذي لم يجرب هذا الجهاز فهو في نعمة والله 👇

 

‏جهاز الرنين المغناطيسي المغلق تجربة حياتية لن تخرج بعدها كما دخلت .. قلباً وشعوراً :

40 دقيقة وأنت مستلقٍ على ظهرك ، مكان مظلم ضيق بارد … لا يتحرك منك أي شيء ، صمت لا يقطعه إلا ضجيج الآلات …

لا تفتأ حينها تستحضر فكرة المآل الأخير ، وتستشعر شيئاً من تفاصيله …

كنت أظن الأمر سهلاً لا يستحق التهويل والمبالغة ، فدخلت

… ولم يمض من الوقت إلا شيء يسير أظنه 10 دقائق ، إلا وأنا بوحشة شديدة تجتاحني ما شعرت بها في عمري كله ،

نفد صبري ، وضاقت نفسي التي بين جنبيّ وأنا أواجهها ، أفكر في عملي وما قدّمت لحياتي.

فعزمت أن أقرأ ما يتيسر لي من محفوظي وأُهدئ روعي بالقرآن ، وأنا مستلقٍ لا أسمع ولا أرى أي شيء

فبدأت مستعيناً باللّه بالفاتحة ثم البقرة ،

وصلت لمنتصف الجزء الثاني ، وإذا بحفظي يتهاوى ويتداخل ، وأُنسيت الآيات …

حيلتي عاجزة … لا مصحف أعود إليه ولا سبيل لمراجعة محفوظي أبداً !

إعتراني خوف شديد لا يعلم به إلا اللّه

وما استشعرت حينها شيئاً كلحظة الموت ومآلي إلى القبر ، وتخيلت نسياني لمحفوظي هناك … ويا حسرة !

حفرة ضيقة أكثر ، بقائي فيها مضاعف دهراً طويلاً إلى أن يشاء اللّه … لا أنيس لي فيها ولا سعة إلا بعملي … ولا عودة لتصحيح ما مضى !

=‏ أخذت أتأمل :

إن كان هذا أمري الآن … فكيف بيوم العرض الأكبر أمام رب العالمين؟؟

كيف لي أن أقف في مصافّ الحفاظ ، يقرأون ويرتلون ويرتقون في مراتب الجنة … بينما أنا غافلٌ لاهٍ قد وهبني اللّه القرآن ثم فرّطت فيه في حياتي أيما تفريط وأهملت

معاهدته وتفلّت ؟؟

يا حسرة تساوي العمر أجمع !

=‏ خرجت من هناك وركبت سيارتي وبدأت بالبحث عن المصحف، إحتضنته وأنا أدافع العبرات … وأتحسس ملمسه ككنز ثمين فقدته طويلاً

 

استشعرت حينها أن مرضي ، والتشخيص ، والفحوصات ، والأشعة … كلها ما كانت إلا لأعيش تلك اللحظة.

أيقنت أنها البداية الحقيقية … وأن عمري محسوبٌ بما بعدها.

 

وصية_ودّ_لو_تصل_ويُسمعها_الناس :

 

العمر فرصة لا ضمان لبقائها … تزوّدوا من العمل ، ثبّتوا محفوظكم ، أتقنوا القرآن واجمعوه في صدوركم قبل أن ترفع المصاحف أو تخرج الروح … ولا ينفع حينها ندم.

 

اللهم قلباً حياً وخاتمةً حسنة وعملاً صالحاً ترضاه

زر الذهاب إلى الأعلى