مقالات

غادة محفوظ تكتب : أرجوك ما تفتيش

 

“أجرؤكم على الفتوى .. أجرؤكم على النار” قاعدة نفيسة ومبدأ يكتب بمداد من ذهب لمن أراد أن يريح عقله وقلبه وينأى بنفسه عن السقوط في مستنقع تفيض منه رائحة خبيثة بعد أن غمرته فتاوى العصر الحديث والتي لا يستسيغها عاقل ولا لبيب .

ما بين نكاح البهائم ومضاجعة الميتة وإعادة غشاء البكارة بعد إزالته والحج بسيناء بدلا من مكة وجواز شرب الخمر ، كل هذه الفتاوى أحدثت بلبلة كبيرة بين جنبات المجتمع ، وأدى انتشارها إلى تشتيت للعقول نظرا لغرابتها وتنافيها مع قيم ومعتقدات الشارع المصري الذي نشأ على فطرة سوية وعقيدة راسخة كالجبال لا تهزها تلك السخافات التي تطلق بين الحين والآخر.

أصبح إصدار الفتاوى في عصرنا هذا بمثابة البوق الذي ينفخ فيه كل من أراد أن يظهر إسمه على شاشات الفضائيات ، وما أبدعها من طريقة سريعة وسلسة للوصول للشهرة ، فما ستحدثه الفتوى من ضجيج وصخب وجدال سيجعل صاحب الفتوى مثار حديث الناس لفترة ليست بالقليلة وهو ما يطمح إليه أصحاب هذه الفتاوى ، فلا بأس مطلقا بأن يظهر أحدهم مرتديا زي العلماء يتشدق بكلمات تغلب عليها الصبغة العلمية ليضفي مصداقية زائفة وهشة لدى نفوس بعض المشاهدين من غير ذوى التخصص وهم الفئة المستهدفة غالبا من إطلاق هذه الفتاوى ، فاختلاف العلماء وتعدد الأقوال في المسألة الواحدة ذريعة رائعة للوصول إلى قلوب وعقول فارغة لتتمكن منها هذه الفتوى الغريبة ويصبح من الصعب بل ومن المستحيل التصديق ببطلانها وتكون الحجة وقتها ” إنت هتعرف أكتر من الشيخ”؟؟؟ ، ونسي أو تناسى هذا المسكين أن من يسميه شيخا هو بشر يصيب ويخطئ له ما له وعليه ما عليه ، وأنه بإصدار هذه الفتوى قد أوضح للجميع وبما لا يدع مجالا للشك أنه أصلا ليس أهلا للفتوى فضلا عن جهله بأبجديات الدين الذي يدعو إلى اللجوء للمتخصصين كلُ في تخصصه ” فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون” .

ولأن “الفتنة نائمة لعن الله من أيقظها” فإن إطلاق هذه النوعية من الفتاوى يثير عدة تساؤلات :
لماذا هذا التوقيت تحديدا لإصدار الفتاوى المستحدثة
التي ما سمعنا بها من قبل ؟؟
أليس من الأولى طرح ومناقشة قضايا معاصرة وتعليم الناس فقه الواقع بدلا من الدخول فى مهاترات لا طائلة منها ؟؟

أين دور الأزهر ودار الإفتاء من هذه الفتاوى التي تظهر وجها غير حقيقي للإسلام ؟؟؟ وإذا كانت الجهات المنوطة بها إصدار الفتاوى تقف صامتة أمام هذه الخزعبلات .. فمن سيتصدى لها ؟؟

ما هي المعايير والضوابط اللازمة لإصدار الفتوى؟؟ وممن يستقى الشارع المصري معلوماته الدينية ؟؟؟

أسئلة … ننتظر إجاباتها.

زر الذهاب إلى الأعلى