مقالات

إشراقة قرآنية

إشراقة قرآنية

 يكتب/د عوض عبد الباعث الأخرس

“قُل لَّئِنِ اجْتَمَعَتِ الْإِنسُ وَالْجِنُّ عَلَىٰ أَن يَأْتُوا بِمِثْلِ هَٰذَا الْقُرْآنِ لَا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيرًا”

يبقى النص القرآني معجزًا لا تنقضي عجائبه ولا تنتهي بدائعه و لا تَزِيغُ به الْأَهْواءُ وَلَا تلتبِسُ به الْأَلْسنة. 

وقد أعجز الكتّاب والأدباء والشعراء من العصر الجاهلي حتى زماننا هذا وحتى قيام الساعة، ويتمثل إعجاز القرآن في انتقاء ألفاظه، وجمال أسلوبه، وبلاغة تراكيبه، وترابط آياته، وتنوع أساليبه ما بين التقديم والتأخير، والنفي والإثبات، والحقيقة والمجاز، والتخصيص والتعميم، وغير ذلك مما جعله كتاباً خالداً لا يتّشابه مع كلام البشر أبدا. فهو “لَا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلَا مِنْ خَلْفِهِ تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ” والأمثلة على الإعجاز البياني واللغوي كثيرة لا حصر لها، ومنها:

أنه عندما قام العلماء بإنجاز برنامج لإحصاء القرآن الكريم، وجدوا أمرًا فريدًا في كل سورة من سور القرآن.

فكل سورة من سور القرآن تحوي كلمات خاصة بها لم تُذكر في أي سورة أخرى، وهذا القانون ينطبق على كل سوره بلا استثناء.

فسورة الفاتحة تحوي كلمتين هما: إياك – نستعين، لا نجدهما إلا في سورة الفاتحة فقط، وكأن الله يريد أن يذكّرنا في كل ركعة نقرأ فيها الفاتحة بأن الاستعانة لا تكون إلا بالله عز وجل.

سورة البقرة تحوي سبعًا وأربعين وستمائة كلمة خاصة بهذه السورة لم تذكر في أي سورة أخرى مثل: ( الخيط – قثائها – فومها – عدسها – بصلها- فاقع – عوان – صفراء…).

سور آل عمران تحوي تسعًا وثمانين ومائتي كلمة خاصة بها لم تتكرر في أي سورة أخرى مثل (حصوراً – محرراً – نبتهل…) ، وهكذا حتى السور القصيرة في آخر القرآن تحوي نفس القاعدة.

فسورة الإخلاص تحوي ثلاث كلمات خاصة بها (الصمد – يلد – يولد) فهاتان الكلمتان (يلد – يولد) فقط ذكرتا في سورة الإخلاص وبصيغة النفي، ليذكرنا كلما قرأنا هذه السورة بأنه لم يلد ولم يولد.

أما أقصر سورة في القرآن وهي سورة الكوثر والتي تتألف من عشر كلمات فقط، فتحوي خمس كلمات خاصة بها لم تذكر في أي سورة أخرى وهي (أعطيناك – الكوثر – انحر – شانئك – الأبتر).

من عجائب هذا القانون أن الكلمات التي تنفرد بها كل سورة تعبر عن مضمون هذه السورة وليس عشوائياً.

فكلمة (قريش) لم تُذكر في القرآن كله إلا في سورة قريش.

وكلمة (الماعون) لم تُذكر في القرآن إلا في سورة الماعون.

وكذلك كلمة (الفلق) (العاديات)(الهمزة)(القدر) (التين) (المطففين)(الطارق) (النازعات) (المرسلات) (المدثر) (التغابن) (الذاريات) (الأحقاف) (جاثية) (النحل) (النمل) (العنكبوت) (الفيل) (الكهف) (الشعراء) (لقمان) (سبأ) 

 (مائدة) وهكذا كل سورة من سور القرآن الكريم تحوي كلمات لها علاقة بمضمون هذه السورة ولم تذكر إلا في هذه السورة.. وغالباً ما تكون اسم السورة.

إنها معجزة تظهر اليوم لتقيم الحجة على كل ملحد مستكبر وتنطق بالحق بأن هذا القرآن لا يمكن أن يكون كلام بشر.. وأنه لا يمكن لأحد أن يأتي بمثله.

ليبقى القرآن معجزًا عصيًا على التقليد أو التشكيك حتى لو برزت الجنّ وأعانهم الإنس، فتظاهروا لم يأتوا بمثل هذا القرآن: { قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الْإِنْسُ وَ الْجِنُّ عَلَى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هَذَا الْقُرْآنِ لَا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَ لَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيرًا } نفعني الله وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم.

زر الذهاب إلى الأعلى