ثقافةدنيا ودينمقالات

حملته أمه وهنا على وهن

بقلم/ د. مفيدة ابراهيم على    عميدة كلية الدراسات الإسلامية والعربية

لقد حرص الاسلام على برّ الوالدين، وأولى الأم عناية كبيرة وجعلها محل البرّ والإكرام كالأب لا فرق بين السيىء منهما والحسن من حيث وجوب ذلك البر كما قال تعالى: “وَقَضَىٰ رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا”الإسراء-23، حتى لو كانت الأم بغيا أو كافرة. وقد أطلق عزّ وجل (الأم) على الأصل الكريم الذي هو رمز التضحية والفداء والطهر والنقاء، والحب والحنان، وهي الأصل الذي يتشرف الولد به، ويفخر بنسبه له ونسبته إليه، كما جاء على لسان عيسى عليه السلام ، فهو حين تكلّم عن وجوب البرّ والإكرام ذكر وصف “الوالدة”، فقال:”وَبَرًّا بِوَالِدَتِي “مريم-32. وحث صلى الله عليه وسلم على الوصية بالأم، لأن الأم أكثر شفقة وأكثر عطفاً لأنها هي التي تحملت آلام الحمل والوضع والرعاية والتربية، فهي أولى من غيرها بحسن المصاحبة، ورد الجميل،” ووصينا الإنسان بوالديه حملته أمه وهنا على وهن وفصاله في عامين أن اشكر لي ولوالديك إلي المصير “لقمان-14 ,وبعد الأم يأتي دور الأب لأنه هو المسئول عن النفقة والرعاية.

وقال تعالى : وَوَصَّيْنَا الإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حُسْنًا وَإِنْ جَاهَدَاكَ لِتُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلا تُطِعْهُمَا إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ ” العنكبوت -8

أي: ووصينا الإنسان أن يفعل بوالديه حُسنا و خيرا وإن جاهداك والداك لتشرك بي ما ليس لك به علم فلا تطعهما فتشرك بي ابتغاء مرضاتهما، ولكن خالفهما في ذلك. ولقد عُني القرآن الكريم بالأم عناية خاصة، وأمر سبحانه وتعالى ببرها وحرم عقوقها، فجعل رضاها وطاعتها مقترناً بطاعتة ورضاه عز وجل، والإنسان الذي يعق والدته ويغضبها يلقى العقاب الشديد في الدنيا والآخرة ، كما أمر الدين بحسن صحبتها ومعاملتها بالحسنى ورداً للجميل، وعرفاناً بالفضل لصاحبه.

و لا يعرف التاريخ دينًا ولا نظامًا كرَّم المرأة باعتبارها أمًا، وأعلى من مكانتها مثلما جاء بهِ دين محمد “صلى الله عليهِ وسلم”، الذي رفع من مكانة الأم في الإسلام وكرمها تكريما خاصا ، وجعل برها من أصول الفضائل، كما جعل حقها أعظم من حق الأب وهذا ما يُقرره القرآن ويُكرره في أكثر من سورةٍ ليثبِّته في أذهان الأبناء ونفوسهم. وبر الأم يعني: إحسان عشرتها، وتوقيرها، وخفض الجناح لها، وطاعتها في غير المعصية، وإلتماس رضاها في كل أمر، حتى الجهاد، إذا كان فرض كفاية لا يجوز إلا بإذنها، فإن برها ضرب من الجهاد.

ومن الأحاديث النبوية الدالة على مكانة الأم في الإسلام قصة الرجل الذي جاء إلى النبي “صلى الله عليه وسلم” فقال: يا رسول الله أردت أن أغزو، وقد جئت أستشيرك، فقال: «هل لك من أم؟» قال: نعم، قال: «فالزمها فإن الجنة عند رجليها». و الأم التي عني بها الإسلام كل هذه العناية، وقرر لها كل هذه الحقوق، واجب عليها أن تحسن تربية أبنائها، فتغرس فيهم الفضائل، وتبغضهم في الرذائل، وتعودهم على طاعة الله. ولذلك تعدّ الأم أكثر الأشخاص حقاً في صحبة الإنسان .

زر الذهاب إلى الأعلى