مقالات

خَائِنَةَ الْأَعْيُنِ

بقلم/احمد قُطْب زايد
إنَّ اللَّهَ عزّ يَعْلَمُ خَائِنَةَ الْأَعْيُنِ وَمَا تُخْفِي الصُّدُورُ( سُورَة غافر)”19″ وَسَبَبُ نُزُولِ هذه الْآيَةِ الْكَرِيمَةِ أَنَّ رِجْلَ زَار صَدِيقٍ لَهُ فِى بَيْتِهِ ، وَتَظَاهَر بغضّ الْبَصَر ، وَلَكِنَّهُ كَانَ يَنْظُرُ لِنِسَاء الْبَيْت ، فَإِذَا غَفَلَ صَدِيقِه عَنْه نظرإليهن ، فَإِذَا فَطِنَ لنظرته غضّ بَصَرِه فَإِذَا غَفَلَ صَدِيقِه نَظَرٌ مَرَّةً أُخْرَى . اخَى الْكَرِيمِ كُنّ عَلَى يَقِينٍ أَنْ اللَّهَ تَعَالَى لَا يَخْفَى عَلَيْهِ شَيْءٌ مِنْ أُمُورِ خَلْقِهِ ، لَا يَخْفَى عَلَيْهِ دَبِيب النَّمْلَة السَّوْدَاء ، عَلَى الصَّخْرَةِ الصَّمَّاءِ ، فِي اللَّيْلَةِ الظَّلْمَاءِ ، يَخْلُقَكُم فِي بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ خلقاً مِنْ بَعْدِ خَلْقِ فِي ظُلُمَاتِ ثَلَاث ، ان جَهَرَت بِقَوْلِك سَمِعَه ، وَإِن أَسْرَرْت بِه لِصَاحِبِك سَمِعَه ، وَإِن أَخْفَيْتَه فِي نَفْسِك سَمِعَه ، وَأَبْلَغُ مِنْ ذَلِكَ أَنَّهُ يَعْلَمُ مَا تُوَسْوِسُ بِهِ نَفْسِك وَإِنْ لَمْ تَنْطِقُ بِهِ . إنْ فَعَلْت فعلاً ظاهراً رآك ، وَإِنْ فُعِلَتْ فعلاً باطناً وَلَوْ فِي جَوْفِ بَيْتٍ مُظْلِمٍ رآك ، وَإِن تَحَرَّكَت بِجَمِيع بَدَنِك رآك ، وَإِن حَرَّكَت عضواً مِنْ أَعْضَائِك رآك ، فَمَن صَرْف نَظَرِهِ عَنْ الْحَرَامِ أَبْدَلَه اللَّه حَلَاوَة فِي قَلْبِهِ يَجِدَ طَعْمَهَا رَاحَةٌ وَطُمَأْنِينَة . وَقَدْ أُثْبِتَ الْبَاحِثُون بِأَن الْأَعْيُن تَخَوَّن وتفضح صَاحِبِهَا وتُخبر بِمَا يُخْفِيه الْإِنْسَان ، فتكشف إسْرَارُه وَرَغَباتِه الدَّاخِلِيَّة الْعَمِيقَة دُونَ أَنْ يَشْعُرَ . أَخِي الْمُسْلِم اتَّقِ اللَّهَ فِي جَمِيعِ حركاتك وسكناتك . أَدْعُو اللَّهَ أَنْ يَحْفَظَ عَلَيْنَا أَبْصَارَنَا ، وَيَصْرِفَ عَنَّا الْحَرَام . يَقُولُ الشّاعِرُ أَبُو الطيّب المُتنبّي :
كلُّ الحوادثِ مبدأُها مِنْ النَّظَرِ . . ومُعظَمُ النارِ مِنْ مُستَصْغرِ الشَرِرِ
كْم نظرةٍ فعلتْ فِي قَلْبِ صَاحِبِهَا . . فِعْلَ السهامِ بِلَا قوسٍ وَلَا وتـرِ
والمرءُ مَا دامَ ذَا عينٍ يُقَـلِبُها . . فِي أَعينِ الغِيرِ موقوفٌ عَلَى خَطرِ
يَسرُّ مُقلَتَهُ مَا ضرَّ مُهجَـتَهُ . . لَا مرحباً بسرورِ عادَ بالضـررِ

زر الذهاب إلى الأعلى