تحقيقاتعاجلمقالات

زلة لسان قد تفقد إنسان

بقلم/ احمد زايد

زلة اللسان قد تفقد إنسان فهي كلمة أو عبارة تصدر من غير قصد وبطريقة غير متوقعة، خاصة في لحظات الانفعال، فتؤدي إلى عواقب وخيمة عن أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «إِنَّ الْعَبْدَ لَيَتَكَلَّمُ بِالْكَلِمَةِ مِنْ رِضْوَانِ الله، لَا يُلْقِي لَهَا بَالًا، يَرْفَعُهُ الله بِهَا دَرَجَاتٍ، وَإِنَّ الْعَبْدَ لَيَتَكَلَّمُ بِالْكَلِمَةِ مِنْ سَخَطِ الله، لَا يُلْقِي لَهَا بَالًا، يَهْوِي بِهَا فِي جَهَنَّمَ»وقال عمرو بن العاص رضي الله عنه: (الكلامُ كالدَّواءِ، إنْ أقْلَلْتَ مِنهُ نَفَعَ، وإنْ أَكْثَرتَ منه قَتَلَ). وقال لقمانُ رحمهُ الله تعالى: (كُنْ أَخْرَسَ عَاقِلاً وَلَا تَكُنْ نَطُوْقَاً جَاهِلاً، وَلَأَنْ يَسِيْلُ لُعَابُكَ عَلَى صَدْرِكَ وَأَنْتَ كَافُّ اللِّسَانِ عَمَّا لَا يَعْنِيْكَ، أَجْمَلُ بِكَ وَأَحْسَنُ مِنْ أَنْ تَجْلِسَ إِلَى قَوْمٍ فَتَنْطِقَ بِمَا لَا يَعْنِيْكَ).من الضروري أن يعي الإنسـان أهمية برمـجة الحديث، فليس كل ما يـخالج النفس يذكر، ولابد أن يكون هناك انتقاء للكلمات، وأن الوقاية والاحتراز خير وأفضل من العلاج والاعتذار. ولابد من ضرورة حسن صياغة ما يدور في الفكر بشكل متزن، دونما الوقوع بالخطأ، وتعليقه على شماعة “الزلاّت” والتي تعتبر كالقنبلة التي من الممـكن انفجارها في أي وقت، فتـدمر معها العلاقات الإنسانية التي لا يمكن للإنسـان الاستغـناء عنـها، نظرا لأهميتها ودورها في الاستقرار النفسي. والإنسان مُعرّض لزلة اللسان أثناء حديثه مع الآخرين وزلة اللسان تختلف من إنسان إلى آخر. لكن ما هي زلة اللسان:هى كلمات يقولها الإنسان بقصد أو بدون قصد لكنها في الواقع تعبر عما يدور بداخله، ربما هذه الزلة لا يستطيع البوح بها لكنه خلال حديثه تخرج منه عفوية لا يريدها أنْ تخرج فيقول زلة لسان. لكنْ هناك من يقصد زلّة اللسان وذلك للإساءة إلى الآخرين وينتظر ردّة الفعل يقال: إن زلة القدم أسلم من زلة اللسان. هذا القول صحيح زلة القدم تعالج أما زلة اللسان فتبقى طول الدهر منسوبة لصاحبها. هناك من يتحمّل زلة اللسان حين يسمعها ويبحث عن أعذارٍ وفي المقابل هناك من لا يتحملها ويشعر بها كالسيف على رقبته ويختفي إلى الأبد. إن حفظ اللسان والسكوت وعدم ترك اللسان يتفوه بألفاظ وعبارات غير مقبولة مطلب ينشده من ذاق لوعة ومرارة زلة اللسان. لسانك حصانك إن صنته صانك وإن أهنته أهانك هذا المثل الرائع المُتناقل عبر السنين يدل على أن العقل يجب أنْ يسبق اللسان كذلك التقارب بين الحصان واللسان فالفارس هو الذي يتحكم بالحصان ويضعه في الاتجاه الصحيح لا أحد يستطيع أن يفرض عليك ما تقوله فلسانك حال موقفك، وهو يترجم وينطق بما يدور في داخلك. وزلة اللسان ممكن أنْ تُفرق بين الناس وتخلق الحزازات والعداوات فصن لسانك ولا تعوده على الكلام في الناس في حضورهم وغيابهم. فعلى مر التاريخ القديم والحديث هناك زلات لسان لا يزال الناس يذكرونها ويرددونها لكنهم يقعون في المحظور حين يكررونها. عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ – رضي الله عنه – عَنِ النبي – صلى الله عليه وسلم – أَنَّهُ قَالَ: (لَا يُلْدَغُ الْمُؤْمِنُ مِنْ جُحْرٍ وَاحِدٍ مرتين). ومجتمعنا كأي مجتمع في هذا العالم لا يخلو من زلات اللسان العفوية والمقصودة التي ترمي للفرقة والتباعد عموماً علينا أنْ ننصح من زل لسانه بدون قصد وننبهه من زل بقصد فنذكره بالحديث عن أبي هريرة عن النبي قال: «إن الرجل ليتكلم بالكلمة ما يتبين فيها، يزل بها في النار أبعد مما بين المشرق والمغرب»، وأخرجه الترمذي ولفظه: «إن الرجل ليتكلم بالكلمة لا يرى بها بأساً يهوي بها سبعين خريفاً في النار». أن زلة اللسان لها مساوئ كثيرة لا تحصى ولا تعد وكم من إنسان ندم طوال عمره على زلة لسان وأبعدته عمن يحب ويحترم ويقدر فزلة اللسان تفقدك أعز انسان. يقول أحد الشعراء : زَلَّةْ لِسَانْ وْ لَيْت تَمْحِيْهَا الازْمَانْعَلَيْهَا لَوْ يِرْجَعْ وَرَا الْوَقْت نَدْمَانْ انْقَصّ قَبْل يْقُوْلَهَا لِكْ لِسَانِيْيَا لَيْت عِنْدِيْ بَعْض مِنْ حِكْم (لِقْمَانْ) لاجْل آتَرَيَّثْ قَبْل نِطْق الْمَعَانِيْدَارْ الزِّمَانْ وْ خَلَّفْ الْفِعل حِرْمَانْفِيْ مَوْج بَحْر هَايِج قِدْ رُمَانِيْمَا بَيْن شِحّ الْوَقْت وِ الْهَمّ هَيْمَانْ وتقول العرب في أمثالها: “مقتل الرجل بين فكيه”أي أنَّ الإنسان إذا أطلق لسانه في كلِّ أمرٍ دون انضباطٍ أو تقييدٍ قتله وأوقعه بالمهالك. اللهم احفظ لساني عن كلّ ما لا يرضيك قوله، واجعل لي عليه سلطاناً فلا أقول إلا حقاً، ولا أشهد إلا صدقاً يا رب العالمين. اللهمّ اجعل لساني بذكرك عامراً، ولآياتك تالياً، وإلى الحقّ داعياً يا رب العالمين.

زر الذهاب إلى الأعلى