مقالات

حديث الروح بيني وبين قلبي في عيد أمي

كتب / طارق سالم
في عيد الأم بكت العين وتألم القلب واهتز الكيان لاحتياجي لأمي وحضنها وحنانها وحبها وأمنها واحتياجي للعيش بقربها مهما مرت أعوام الفراق ومرت بي سنوات العمر والكبر سأظل أنا صغيرها أحبوا إليها واشتاق إليها في كل وقت وحين .
منذ رحيل أمي عنى وعن هذه الحياة الدنيا رفعت عنى الأقلام وجفت الصحف وضعف شعاع شمسي ليصبح نهاري خالي من الحيوية والنشاط والبركة التي كنت أستمدها من شعاع نور وجه أمي ونظراتها وشعاع أملها لي بالحياة وبهت نور قمري حتى لم أعد أرى الطرقات ببصر قوى والتمس خطواتي واحدة تلو الأخرى حتى تصل بي إلى سكن أمي فينير لي مدخلي للحب والحضن والملجأ والأمن والأمان فأجدها تمد يديها لتأخذني إلى حضنها فيطمأن قلبي ويرتاح كياني ويهدأ نبض قلبي وتغمض عيني لتتمتع بوصال الحنان وتشحن جفونها بجمال اللقاء .
· ففي فجر ليلة عيد الأم أيقظتني روحي بهدوء لتأخذني برحلة روحانية في رثاء أمي وذكرياتها وكأننا استدعينا روحها معنا لتشاركنا الحديث وتطمنا وتشد على قلبنا حتى نصبح نعيش الحياة ونقوى على فراقها .
· فتحدثت روحي وهى تدمع العين وبصوت هادئ وتقول لقد اشتقت إلى روح أمي إلى روح الحياة إلى روح الأمن إلى روح الحب إلى روح الأمان إلى روح الطمأنينة والسكينة ولقد اشتقت للحضن الدافئ الحضن الذي يمدني بالقوة وشحن الجسد والروح بالهمة والنشاط الحضن الذي يجعلني سعيد بكل كياني ويستمد قوته منه ويتغذى من جذوره ويرتوى من مشاعره وينمو إحساسه بالطيبة والرأفة والمحبة وكأنه نهر فياض ساكن أمواجه ولكنه يحمل بداخله الخير كل الخير وتنمو على شواطئه كل الآمال التي تحمل لي مستقبل أفضل وخطوات مبصرة للطرقات تصل بي إلى بر الحياة الآمن وهى فرحة وسعيدة ونظراتها تسعد العين وتقوى القلب ودعواتها تسبقني لتنير لي الطريق وتسوى لي مطباتها لتصبح مستوية حتى أقدر على مواجهة المتاعب والصعاب بكل ثقة .
· وهنا كان القلب رغم أنينه ووجعاته كان مستمع جيد لكل كلمة نهوت عنها روحي وكانت كل كلمة لها وجع وألم خاص بها وجع وألم مستقر بالقلب منذ رحيل أمي لأنه كان يستمد منها النبض الحقيقي الذي يواجه الحياة بحب خالي من الغل والحقد والحسد لأواجه الحياة بقلب سليم .
· وتطرق الحديث بيننا حتى أشرقت شمس يوم العيد فكان هذا اليوم أوله خير كثير منه نزول المطر ليغسل الطرقات ويروى الأشجار وعدونا حتى سبقنا ظلنا ومشينا بخطواتنا حتى وصلنا إلى الحى التي كانت تسكن به أمي فوجدناه خالي من الروحانيات خالي من الحنان خالي من الجمال خالي من الألفة حتى ذهبت أبصارنا إلى السكن التي كنا نعيش به مع أمي ونظرنا إلى البيت فوجدناه وكأنه يدمع من ألم الفراق يدمع من غياب البهجة والفرح يدمع من غياب الأمن والاهتمام يدمع من تركه وحيدا وكأنه يحدثنا ونحدثه وهو يقول يؤلمني فراقكم لقد تركتموني وحيدا بعد العشرة الطويلة ولم نجد به ما هو كان لأنه غابت عنه أمي ورحيلها رحل معها كل شئ .
· ثم ارتجلنا حتى وصلت بنا خطواتنا إلى مسكن أمي إلى مستقرها ومستودعها إلى قبرها الذي سعد كثير عند رؤيتنا وكأنه أيقظ أمي من نومها حتى نعيش سويا لحظات وأوقات فيها كل الشوق والحب والحنان فجلسنا أمامه وكأنها خرجت لتضمنا وتحضننا وبالفعل أحسست بيدها وهى تمتد لي وتطبطب على كتفي وتمسح على ظهري حتى تزيل ألم الفراق وتربط على قلبي حتي يسكن ويهدأ بلقائها وتمسح على عيني الدمع وتقول لا تحزن أنا معك ولم أفارقك طمن قلبك لسه أنا جنبك ثم قرأنا سويا بعض آيات القران ورفعنا أيدينا بالدعوات لرب الأرض والسموات حتى يكون مسكنها هو الجنة تهنأ بها فرحة سعيدة مسرورة تهنأ بمقعدها خالدة فيه تعيش فيه حياتها الحقيقية الأبدية بعيد عن الحياة البشرية الفانية .
· ثم حانت لحظة السلام والوداع هنا ارتعشت أجسادنا ودمعت أعيننا وتألم قلبنا ولم نعد نقدر على القيام ولا الوقوف ونحن ننظر على أمي ونحدث بعضنا بعض ونقول عذرا يا أمي سوف نذهب لدنيا الناس لنتركك تذهبين لمنزلتك التي أعدها لكى ربى جزاء لك على ما قدمتيه لنا بالحياة الدنيا وجزاء لكى لتعبك وألمك وتضحيتك حتى أتممتي رسالتك فكانت هذه هي جنتك ودائما ما ندعو الله سبحانه وتعالى أن يجمعنا بكى في جنة الخلد لنسعد بجوارك ونهنأ بأحضانك . وسلام عليك يا أمي ورحمة الله وبركاته .
· رحمات ربي وغفرانه لكى يا أمي وأنا مطمأن بأن عيدك بالجنة وهدايا ربي خير لكى وأبقى وأدعو ربي أن لا يحرمني كرمه ولا كرمك ولا يفتننا بعدك وأن يغفر لي ولكى وأن يحسن ختامنا ويرزقنا جنة الخلد يارب .

حديث الروح بيني وبين قلبي في عيد أمي
حديث الروح بيني وبين قلبي في عيد أمي
زر الذهاب إلى الأعلى