مقالات

كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ” المقال الاسبوعى للأستاذة الدكتورة مفيدة ابراهيم على عميدة كلية الدراسات الإسلامية والعربية

كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ " المقال الاسبوعى للأستاذة الدكتورة مفيدة ابراهيم على عميدة كلية الدراسات الإسلامية والعربية

 


ينقله لكم ناصف ناصف


جاء الإسلام نورًا وهدىً للناس، يهديهم سبيل الخير في الدنيا والآخرة، ويدفع عنهم شرور هذه الحياة وعذاب الآخرة، وقد تضمنت تشريعات الإسلام كل شيء من العقائد ومن التشريعات الفقهية والمعاملات والفرائض التي تمثل هوية المسلم وشكلها. يقول تعالى: مخاطبا للمؤمنين من هذه الأمة وآمرا لهم بالصيام ، ” يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ” البقرة – 183
وقد فرض الصيام في شهر رمضان لأن الصيام مدرسة الصبر، وذلك بالإمساك والامتناع عما أباح الله، في وقت أرادهُ وحددهُ الله، وجعل له جزاءً وثواباً، فكل عمل ابن آدم له إلا الصوم، فإنه لله وجزاؤه منه سبحانه، فهو ما بين العبد وربهِ، لا يقوم إلا بالإخلاصِ لله والصبر هو حبس النَّفس على ما تحب أو عمَّا تكره، وهو من القِيم العليا التي يحث الإسلامُ معتنقيه على أن يتصفوا بها؛ لأنه يزين الإنسانَ المسلم، ويمثِّل علامة على إيمانه، لما فيه من أجور مضاعفة ويزيد من قدرة المسلم على الصبر، بزيادة جَلَدِهِ وَتَحَمُلِهِ الشدائد، ومعاناةُ الأمورُ الصِعاب، فهو يُعزِزُ النيةَ للصبر، والتي تُعدُ قوام الصبر و وقُودَهُ .
وهومن أفضل أبواب النوافل، ومن أجمع العبادات؛ بل هو فريضة ونافلة وكفارة ونذر، وهو إيمان وإسلام وخلق. ومع ذلك – فشأن تلك الشريعة الغراء كلِّها- يرعى الصيام الحقوق التي لله تعالى والتي للنفس، وتلك التي للأهل والأضياف والداعين للطعام وغيرهم.. وإذا نظرنا إلى علاقة الصيام وغيره من العبادات التي شرعت في رمضان بالإرادة لوجدنا أن هذا الشهر العظيم فرصة لا تعوض ليتربى المسلم على قوة العزيمة والإرادة.
ومن أهم معاني الصيام السامية التقرب إلى الله-جل وعلا-وترك الشهوات التي كان يحتاجها طاعة له، وتعظيماً له, وتقرباً إليه بما شرع-سبحانه وتعالى-؛ لأن الله يحب من عباده أن يتقربوا إليه بترك ما تحبه نفوسهم طاعة له وتقرباً إليه، فإن من طبيعة الإنسان محبة الأكل والشرب, والاتصال بأهله فالله -جل وعلا- فرض عليه ترك ذلك في أيام الصيام تقرباً إليه، وابتلاء وامتحاناً له، هل يؤثر محاب الله أو يؤثر هواه، فإذا وفقه الله لإيثار محاب الله وطاعته -سبحانه وتعالى-, وصيانة صيامه عما حرم الله عليه كان ذلك دليلاً على قوة إيمانه, وقوة يقينه، ورغبته بما عند الله- عز وجل-
ولعل بعض حكم الصوم وأجلها تتلخص في أنه تقوى لله عز وجل ، وامتثال لأمره وقهر للهوى، وانتصار على النفس ، وتهيئة للمسلم في مواقف التضحية وضبط للجوارح ، وكبح للشهوات ، وصحة للجسم ، ومكفر للسيئات ، وألفة وإخاء، وشعور بجوع الجائعين ، وحاجة المحتاجين. كل هذا من حكمة مشروعية الصيام . وقد وردت مجملةً، في قوله تعالى :”لعلكم تتقون” ،وهي التقوى، ويقصد بها الخوفُ من الجليل، والعمل بالتنزيل، والرضا بالقليل، والاستعداد ليوم الرحيل . وقد أمرنا – سبحانه وتعالى- بالتقوى، فقال: “يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللهَ “التوبة:119
أ .د /مفيدة إبراهيم علي عميد كليات الدراسات الإسلامية والعربية

زر الذهاب إلى الأعلى