تحقيقاتتقاريردنيا ودينعاجل

اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى”

المقال الأسبوعى ا . د / مفيدة إبراهيم علي عميد كلية الدراسات الإسلامية والعربية

نقله لكم / ناصف ناصف

لقد جاءت دعوة الدين الإسلامي شاملة لكل مناحي الحياة، ولكل ما يُصلح الناسَ في معاشهم ومعادهم، ومن أُسُسها مع الأمر بعبادة الله وحده الدعوة إلى إقامة العدل وإعطاء الحقوق، والنهي عن الظلم والإفساد في الأرض. وهذا تفسير على أكثر الآراء لقوله تعالى ” ولا تبخسوا الناس أشياءهم ” سورة الأعراف :85 . ولا تظلموا الناس حقوقهم ، ولا تنقصوهم إياهاعامة ويقصد بها أي شيء حتى لو كان معنويًا . وسياق الآية وإن كان يدل في ظاهره على أن المقصود المباشر بـ (أشياءهم) هنا ما يتبادله الناس في معاملاتهم من المتاع ، إلا أن ما يملكه الناس ويتمتعون به من أخلاق وأفكار وتاريخ … أولى بإقامة العدل وإنزاله في منازله من غير بخس ولا شطط لما يترتب على الإخلال بذلك من الحقد والقطيعة والفرقة ، ولقد أوصى الدين الحنيف المؤمنين بإقامة العدل مع الناس كافة حتى الأعداء الذين يبغضونهم ويحاربونهم ، فقال تعالى : “ولا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلاَّ تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى “.المائدة : 8. ولقد ظلت روح العدل والإنصاف سارياً في الأمة حتى فقدنا معنى هذه الآية الكريمة. ونشأ عن هذا الفقد تراجع الجوانب المختلفة من حياة المسلمين وصار المنصفون الذين يجردون الشهادة لله ، ويضعون الأمور في مواضعها دون بخس أو تزيد من القلة الذين يشار إليهم بالبنان ,لأنه إذا كان وفاء الكيل هو أول مقصد مع أن الخسارة فيه طفيفة، إذن فبخس الناس أشياءهم المعنوية يكون من باب أولى. وتؤكد ضرورة الإنصاف، لتشمل كلّ حق حسي أو معنوي ثبت لأحدٍ من الناس. ولذلك يجب على كل إنسان عدم بخس الناس حقوقهم .وفي واقع الحياة ما يندى له الجبين من بخس للحقوق، وإجحاف وقلة الإنصاف، حتى أدى ذلك إلى قطيعة وتدابر، وصور بخس الحقوق في زماننا كثيرة، وهي من أسباب المحق، ولقد أهلك الله – عز وجل – قوم شعيب بأمور منها التطفيف في المكيال والميزان، وبخس الناس أشياءهم، فدل ذلك على أن هذه الجريمة من الكبائر, و بخس الناس حقوقهم ظلم يهدم المجتمع، ويشيع الهرج، ويدفع للأخذ بالحق بالقوة، فيختل الأمن، ويشيع الفساد، ، وتتفرق القلوب وتنتشر الضغينة والشحناء. وتسود شريعة الغاب وتنقلب الموازين. وفي بخس الحق خراب للبيوت، ووقوع للشتات والجرائم الاجتماعية , فالبخس يجب أن يقاوم، ولو دعت النفس إليه فليجاهده . والرؤية التي يشكلها الإسلام لدى المسلم السوي في مثل هذا أن يشجع الأعمال الإيجابية ، ويثني عليها ، ويكون عوناً فيها ، ولو جرى مثل هذا في المجتمع لساد الانطباع بالإنصاف وتفتيت الذين لا يرون لغيرهم فضلا ، ولا يظنون فيمن خالفهم إلا السوء . ونحن في حياتنا التي نعيشها، فإنَّنا نتقلَّب بين مسراتها وأحزانها، وأفراحها وأتراحها، بين المشجعات والمحفزات في العمل، وبين المثبطات والمحبطات في متغيرات الأوقات، أمور يدور بعضها في بعض ممَّا يستدعي أن تكون النفس المسلمة أقرب إلى التوازن في نظرتها للأحداث بالعدل والحيادية.

زر الذهاب إلى الأعلى